العدد 2068 - الأحد 04 مايو 2008م الموافق 27 ربيع الثاني 1429هـ

صحافيون ضد الطائفية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في مبادرةٍ طيبةٍ من «جمعية الصحفيين البحرينية»، التأم شمل الصحافيين للتوقيع على وثيقة «صحافيون ضد الطائفية»، فمنهم من وقع في مقر الجمعية بالجفير، ومنهم من وقع أثناء حفل الاستقبال الذي أقامه وزير الإعلام جهاد بوكمال بمناسبة يوم «حرية الصحافة».

الموضوع يهم الجميع وليس الوسط الصحافي أو الإعلامي فقط، ودعم هذه المبادرة واجبٌ من أجل مصلحة الوطن ومستقبل أجياله، فلو تُركت النار الطائفية تتصاعد على الوتيرة ذاتها لما بقي أخضر ولا يابس.

المبادرة جاءت في الوقت المناسب، مع بلوغ مرحلةٍ من الإقرار والتسليم العام بأهمية دور الصحافة في المجتمع وما يستتبع ذلك من مستلزمات، وهو ما أشار إليه الوزير بوكمال بقوله إنه «لا يمكن أن توجد صحافة فاعلة بلا حرية، والحرية لا تزدهر من دون صحافة مستنيرة وملتزمة وواضحة الرسالة والأهداف». ومثل هذا الإقرار خطوةٌ تتبعها خطوات، في مقدمتها القانون المستنير الذي طال انتظاره وكثرت الوعود بقرب ولادته.

ولعل المفارقة أن من مصلحة الحكومة اليوم تمرير القانون الذي يتوافق مع روح الإصلاح ويصون حرية الرأي والتعبير، ولكن الخوف من موقف النواب والشوريين! فهناك نوابٌ لم تعجبهم مواقف الصحافة، أو تغطياتها أو انتقاداتها فيرونها طويلة اللسان؛ ومنهم من اصطدم بها في هذا الموضوع أو ذاك. وبعضهم يتصور أن الصحافة مجرد بوقٍ لتوزيع تصريحاته، أو طابعةٍ لنسخ ونشر بياناته، وليس سلطة أدبية مستقلة لها كل الحق بأن تدقق وتناقش وتفنِّد وتنتقد... بمنتهى المسئولية والضمير.

على أن العقبة الكبرى في مجلس الشورى، فطالما ارتفعت أصواتٌ معروفةٌ من بين أعضائه تجاهر بالمطالبة بحبس ومعاقبة الصحافيين، ومعاملة أصحاب الآراء كالمجرمين. ومن بين هؤلاء من عُرف بالكتابة المنفلتة من أي معيار وطني أو مهني في الصحافة، فكان يختلق الأكاذيب ضد المجتمع ومؤسساته، ويبث روح الكراهية ضد بعض طوائف المجتمع، والويل كل الويل لمن يتصدى له بالنقد. فهناك حاشيةٌ متعصبةٌ للذبِّ عن أخطائه وتجاوزاته على طريقة «لا أحبك ولكن أحب الفتنة»، فيتحول الكذاب إلى قديس، ومروج الفتنة الطائفية إلى «كاتب حر»... من دون اقترابٍ من فضيحة السرقات الأدبية وغير الأدبية، ولو كان لدينا قانونٌ يجرم إثارة الفتنة لكان بعض هؤلاء أول من يُقدمون للمساءلة.

المبادرة بإطلاق الوثيقة خطوةٌ إيجابيةٌ على طريق إصلاح هذا الوضع المعوج، الذي يتغذى على بيئةٍ مريضة، تقوم على الاصطفاف الطائفي الأعمى، من دون تبصر بالعواقب. وينبغي أن تتركز الجهود نحو معارضة وكشف وتعرية «الطائفية» وليس استهداف «الطوائف» كما دأب البعض، على طريقة العقاب والاتهام الجماعي، ففي مجتمعٍ تعددي يحلم بالسلام وضرورة التعايش بين مكوناته، يجب ألا تختلط الأمور. وقد أصبح لزاما أن تتوقف الأطراف التي تتغذى على نشر الفتن والتحريض على الآخر ونبذه وإقصائه، سواء في الصحافة والإعلام، أو غيرها من المنابر ووسائل التعبير.

مبادرةٌ طيبةٌ وبذرةٌ صالحةٌ أطلقتها جمعية الصحفيين البحرينية، وما أحوجنا إلى مثل هذه النبتة على طريق الإصلاح الطويل... الطويل.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2068 - الأحد 04 مايو 2008م الموافق 27 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً