الأهم من أن يكون الصحافيون في البحرين قد أجمعوا على أنهم “صحافيون ضد الطائفية” ما خلا من كان على من الصحافيين على سفر أو على مرض أو من كان يدرك أنه المستهدف من هذا الشعار، الأهم من ذلك هو أن تبدأ الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني كافة في تفعيل خطوات مماثلة نحو تحجيم الدعاوى الطائفية والسيطرة عليها أيّا كان مصدرها أو القائمون عليها.
ومهما كان المتورطون في الطائفية - من سياسيين وصحافيين وقادة رأي عام - والمروجون لها كثر، أو كانوا يمسكون بتلابيب ومفاصل مؤسسات الدولة ومؤسسات المعارضة، فإن حراكا وطنيا لتطويقهم سيثمر بالتأكيد في تحجيمهم والسيطرة على شرورهم التي لا تريد لأبناء هذا الوطن إلا الاقتتال في الشوارع.
كنا نسير بوتيرة جيدة من الإصلاح السياسي في البحرين منذ بدء المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وكنا - رغم اختلافاتنا على الكثير من القضايا والتي ما زلنا مختلفين فيها - ندرك أن ما كان يجمعنا على الأقل، هو أكثر مما يفرقنا، لكن الذي حدث هو أننا شربنا من الكأس الإقليمية المريضة بالطائفية فانبرى منّا ثملون أعجبتهم خطابات الطائفية شيعة وسنة، ووصلنا اليوم لبيئة سياسية مريضة مبنية على التخوين والتشكيك، وهو ما يتطلب من الجميع إعادة التفكير في خياراتهم التي انتهجوها وتصحيحها بما يعيد الأجواء السياسية والصحافية لسابق عهدها.
نستطيع جميعا أن نقبل بآلة الفرز الطائفية وأن يتمترس جميعنا تحت قواعد الطائفة، لكن ذلك بالتأكيد لن ينتهي ولن يصل إلا لما هو وبال علينا جميعا من دون استثناء، نستطيع أن نطأفن كل شيء حتى نصل إلى زوايا مغلقة لا نستطيع معها الحراك إلا بلغة الشوارع. وقبالة ذلك، نستطيع أيضا، أن نبدأ جميعا في مهمة وطنية حقيقية تستحق الاحترام والتقدير، وهو أن نبدأ في التوحد تجاه كل الطائفيين مهما كانت مراكزهم ومواقعهم، وهي بالتأكيد، المهمة التي يستحق البحرينيون أن نقوم بها لأجلهم.
إن الاستسلام لهذه الخاطبات الطائفية من دون ممانعة صادقة هو تعبير عن نهاية تشكلنا الاجتماعي في هذا الوطن الواحد. وهو تمكين للطائفيين في الإمساك بمستقبل البحرين ومستقبل أبنائها. وهو في النهاية، خطأ نشترك فيه جميعا وتهرّبٌ من مسئولياتنا الوطنية التي علينا القيام بها باعتبارنا أبناء لهذا الوطن وشركاء فيه، لا باعتبارنا سنة أو شيعة.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2068 - الأحد 04 مايو 2008م الموافق 27 ربيع الثاني 1429هـ