في الآونة الأخيرة قررت هيئة النفط والغاز رفع سعر الديزل المحلي بنسبة 43 في المئة ليبلغ سعر اللتر 100 فلس مقابل السعر القديم» 70 فلسا.
قيام هيئة حكومية بزيادة سعر أحد المحروقات المهمة لقطاع المواصلات بنسبة مئوية كبيرة وفي خطوة واحدة ومن دون تدرج في رفع السعر لابد أن يترك بعض التساؤلات لدى الرأي العام.
أهمية القرار تنبع من أن ضغوط هذا القرار لن تشمل فقط المقاولين بل ستمتد لتشمل المواطنين، لأنه ببساطة سيرفع درجة التضخم في عدة قطاعات اقتصادية مؤثرة تساهم حاليا في اكتمال البنية التحتية لمملكة البحرين.
مجمل الأسباب التي ذكرتها الملاحق الاقتصادية للصحافة المحلية من قبل هيئة النفط والغاز يمكن تلخيصها كالآتي: السبب الأول هو تجميد سعر الديزل منذ العام 1983 وعدم زيادته منذ ذلك الحين وهذا السبب أدى إلى شروع البعض لتهريب نحو 50 في المئة من كمية الديزل المخصص للسوق المحلية إلى الأسواق المجاورة بسبب انخفاض أسعاره في البحرين.
السبب الثاني هو ارتفاع سعر النفط الخام عالميا وبالتالي الارتفاع الطبيعي للمنتجات النفطية المكررة وهذا أدى إلى زيادة قيمة الدعم الحكومي للمحروقات.
في اعتقادنا أن هيئة النفط والغاز لم تفصح عن الأسباب الأخرى للزيادة المفاجأة لسعر الديزل. فالسبب الأول هو زيادة عدد سكان البحرين خلال السنوات القليلة الماضية وهذه الزيادة كانت موازية لطفرة ارتفاع سعر النفط في الأسواق العالمية. هذه الزيادة السكانية تتطلب بنية تحتية ومشروعات عمرانية جارية حاليا على قدم وساق في البر والبحر.
هذه المسببات تلزم مصفاة البحرين بتوجيه كميات أكبر من المحروقات بصورة عامة إلى السوق المحلية.
هذا الواقع يلزم الحكومة بتوفير موازنة ضخمة لدعم الأسعار المنخفضة للمحروقات مقابل الأسعار العالمية.
الحكومة استطاعت في فترة الثمانينات دعم أسعار الديزل بسبب النسبة المنخفضة للاستهلاك في السوق المحلية لكنها من الواضح أنها لم تستطع التكيف مع واقع المستجدات وبالتالي آثرت القيام بزيادة سعر الديزل.
السبب الآخر هو استثمار مصفاة البحرين مئات الملايين من الدولارات في بناء وحدات تكرير جديدة تساهم في خفض نسبة الكبريت في منتج الديزل.
هذا الاستثمار مهم لضمان مستقبل مصفاة البحرين عن طريق المحافظة على عملائها العالميين الذين رفعوا سقف المواصفات البيئية للديزل.
هذا المشروع الضخم تطلب قيام الحكومة بأخذ قروض بمئات الملايين من الدولارات من الأسواق المالية العالمية لضمان زيادة درجة تنافسية المصفاة ورفع جودة المنتج الجديد.
المعروف بيئيا أن الديزل المنخفض الكبريت يساهم في تحسين جودة الهواء وتقليل التلوث في المناطق الحضرية وما لاشك فيه أن هذه الخطوة سيكون لها تأثير إيجابي على صحة المواطنين والوافدين.
المأخذ على هيئة النفط والغاز هو قرار عدم زيادة سعر الديزل تدريجيا وخلال مدة زمنية معينة وخصوصا أن مشروع الديزل المنخفض الكبريت وارتفاع سعر النفط عالميا وزيادة عدد سكان البحرين لم تحدث بين ليلة وضحاها بل إن هذه الأمور تمت بتدرج وخلال مدة زمنية متوسطة.
لذلك نتمنى أن تقوم الهيئة بدراسة تأثير المسببات على أسعار المحروقات ومن ثم تكون التغييرات المستقبلية مرنة.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2066 - الجمعة 02 مايو 2008م الموافق 25 ربيع الثاني 1429هـ