أصدرت وزارة الإعلام، وفي علب فاخرة، السلسة الأولى من «أعلام الطرب الشعبي في البحرين»، إذ يحتوي هذا الإصدار على 13 أسطوانة لعدد من أبرز الفنانين الشعبيين في البحرين وهم: محمد بن فارس، ضاحي بن وليد، محمد زويد، يوسف فوني، عبدالله بوشيخة، محمد عيسى علاية، فرحان بشير، علي خالد، أحمد خالد، عنبر طرار، عبدالله أحمد، عبدالعزيز بورقبة ومحمد راشد الرفاعي، مصحوبا بسيرتهم الفنية وعدد من أبرز أعمالهم الغنائية.
هذا الإصدار هو خطوة مشهودة للوزارة الإعلام في مملكتنا، إذ من الرائع أن تهتم بجميع أنواع فنوننا المحلية. كما أنه من الرائع أيضا أن الوزارة وعبر بثها الإذاعي والتلفزيوني تقدم لنا جميع هذه الفنون الشعبية والكلاسيكية ومختلف الألوان من دون حرج، ولا تمانع إطلاقا أن تقدم أغنية لمحمد بن فارس تليها أغنية للفنانة هند ومن ثم للفنان القدير أحمد الجميري... فجميعهم سواسية حتى لو اختلفوا في المقام الفني والوصول الجماهيري إلى قلوب الناس، إذ إنها تحاول جاهدة وبشكل واضح الوصول إلى جميع الأذواق العربية وإلى الجماهير كلها بشعبيتها وبمفرداتها الكلاسيكية.
شخصيا، أعتقد أن الوزارة بهذا الإصدار، وباعتمادها بث الأغنيات القديمة والشعبية، ساهمت في نشر الطرب الشعبي البحريني على مستوى الخليج والوطن العربي، بعد أن كان حبيس الصحراء طيلة السنين الماضية.
مما لاشك فيه أن الجماهير الشابة دائما ما تبحث عن الجديد والطربي من الأغاني، إلا أنها أيضا وفي الوقت نفسه تبحث عن اللون الشعبي، عن التاريخ والحضارة وعن ماضي الأغنية الجميل... أذكر أن زوجي أخذ قبل أيام يبحث عبر مذياع السيارة عن شيء ما يطربه، فاستغربت منه لتوقفه عند سماع أغنية شعبية قديمة... فسألته مستغربة: «الحين متأكد أن الأغاني إللي فاتت ما عجبتك، ولكن هذي أفضل شيء؟!». فقال: استمعي للكلمات فقط وستعرفين السبب... فأخذت أستمع للأغنية، وإذا بي أنا أيضا أستطرب لسماعها، إذ كانت تحكي قصة رومانسية صريحة. من هذا اليوم وبعد أن استمعت لمضمون الكلمات لم أعد أعترض على أية أغنية شعبية تعرض عبر الإذاعة، بل أصبحت أنا بنفسي أبحث عن الشعبي منها لاستمتع بكلماتها.
استمرار عرض الإذاعة والتلفزيون لهذا الفن الشعبي القديم، وأيضا بهذا الإصدار الفاخر والجديد، جعل من أصوات (محمد بن فارس، ومحمد زويد.... الخ) تقدم نفسها وبالشكل الكافي في كل وقت حتى بعد رحيل أصحابها، لأن القائمين على هذه الوسائل الإعلامية، يعون جيدا أن الفن يجب أن يحترم بكل صوره وأشكاله، وأن هذه الأسماء عانت وضحت بالكثير في سبيل تقديم نفسها وتقديم فن شعبي يعبر عن خصوصيتها وعن تراثها.
تلك الأصوات الجميلة التي مازالت حية تطرب لها أسماعنا، هي، وبصريح العبارة، مرتع خصب لحناجر المطربين الحاليين، فالفن الشعبي هو الأصل في الفنون الحالية المختلفة، لذلك أتمنى أن تحظى هذه الشخصيات الفنية التي قدمت عطاء لا محدودا في تلك الفترة، بلفتة إنسانية جميلة من قبل الإذاعات والمحطات الخليجية، لأننا بحاجة إلى أن نطرب آذاننا بهذه الأعمال الجميلة في كل وقت.
العدد 2066 - الجمعة 02 مايو 2008م الموافق 25 ربيع الثاني 1429هـ