أحلام هو اسم بطلة الفيلم العراقي الذي عرض أمس بسينما السيف، ضمن مهرجان البحرين الدولي لأفلام حقوق الانسان، وسبق أن شارك في 86 مهرجانا دوليا، حتى حط رحاله في البحرين.
الفيلم يحكي عن أحلام المواطن العراقي البسيط في عهد الديكتاتورية، الذي دفع كلفة الحروب العبثية طوال ثلاثة عقود، فكان وقودا للحرب من دون أن يكون له أي رأي فيها. وبإمكانات تقنية بسيطة، استطاع المخرج محمد الدراجي أن يهرس أعصاب الجمهور لمدة ساعتين، تحت ضغط مشاهد العنف والقتل والقهر والدم والدمار.
أحلام تتخرّج من الجامعة، وكل أحلامها أن تعيش في بيت وتكوّن أسرة وتنجب 500 طفل، كما قالت لخطيبها أحمد. وفي ليلة الزفاف تهديها عمتها القلادة التي ورثتها من أمها، على جاري التقاليد، وبينما يؤدي الرجال الدبكة تداهم المخابرات الحفل وتخطف العريس لتغيبه وراء القضبان، وتودع هي المستشفى بعد أن فقدت عقلها.
المشاهد هي لعراق ما تحت الحصار، الجنود يأكلون ويحلقون ذقونهم ويغتسلون في خنادقهم. والشاب الذي يتخرج من الجامعة ويحلم بالعمل يصطدم بالسدود السياسية، لأن أباه أعدم بتهمة الشيوعية، وجاء دوره ليدفع الثمن. ولذلك لم يجد حلا غير العمل بالعسكرية، حيث يصطدم بما كان يقوم به الأطباء من قطع الآذان تنفيذا لعقوبات عسكرية ما أنزل الله بها من سلطان.
هناك علي، الذي حاول أن ينقذ صديقه الذي جرح في عملية «ثعلب الصحراء» العام 1998، فحمله على كتفه لمسافات طويلة، وأدركته دورية عسكرية على الحدود الدولية، وبدل أن تنقذهما اقتادتهما إلى السجن بتهمة «الخيانة»! وفي السجن يضطرب عقله، حتى يطمئن إلى الطبيب الشاب وتقوم بينهما صداقة.
ثم ينتقل الفيلم إلى الأيام الأولى من الغزو الأميركي في 2003، وانهيار الدولة العراقية، واختفاء البعثيين حتى الكوادر الطبية المنزوعة الضمير التي كانت تنفذ أوامر الحزب، وهو ما تراه من خلال وضع ملجأ للمرضى النفسانيين وما أصابهم من تشتت وضياع، ونجاح الطبيب في جمعهم مرة أخرى تحت سقف الملجأ، إلاّ البنت أحلام، التي ضاعت وتعرّضت للاغتصاب على أيدي إحدى العصابات.
الكاميرا تنقلك إلى واقع حياة الإنسان العراقي، الضحية الكبرى لكل عهود الاستبداد والديكتاتورية والاحتلال الأجنبي. تتجول في الأزقة الضيقة المظلمة، ذات المجاري المفتوحة، والزبالة التي تملأ الطرقات، والأنقاض والدمار في كل شارع... فأنت في بلدٍ مهدّمٍ ومستباح. بلد ليس فيه كهرباء ولا ماء نظيف، لو أتيح له حكمٌ راشدٌ لأصبح ماليزيا أخرى على ضفاف الخليج، ولكن الديكتاتورية والغباء السياسي قادته من حرب عبثية، إلى غزو أحمق لجارةٍ صغيرة، ومنه إلى الحصار والاحتلال والحركات الإرهابية التي جاءت من كل مكان، لتعمل على نشر العنف الطائفي سعيا لحرب أهلية تأكل ما تبقى في العراق.
الممثلة العراقية أسيل عادل، من مدينة سامراء، أدّت دور بنت شيعية، وأبدعت في تقديم تقلباتها من قمة العاطفية إلى درك البؤس والإذلال. والأهم أنها أبدعت في تقديم الجرح العراقي، على خلفية موال بلهجة جنوب العراق:
مرينه بيكم حمد .... واحنا بقطار الليل
واسمعنه دق اقهوة.... شمينا ريحة هيل
يا ريل صيح بقهر.... صيحة عشق يا ريل.
حما الله العراق وأقاله من عثرته... وحفظ شعبه العظيم.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2065 - الخميس 01 مايو 2008م الموافق 24 ربيع الثاني 1429هـ