صحيفة «الرياض» السعودية الصادرة الخميس 24 أبريل/ نيسان 2008 نقلت عن رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أن أهل البحرين ومنذ القدم يجمعهم الود والوئام وحب الوطن والتفاني في خدمته.
وقال سموه أيضا: «إنه لم يكن في السابق ولن يكون لدينا في المستقبل أية تصنيفات أو مسميات تفرق بين مواطن وآخر فدستورنا ينص على ذلك، وأعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا ترسخ ذلك».
وأكد - أيضا - على أن البحرين دولة ديمقراطية وأن البحرين لن تتخلى عن هذه الديمقراطية لأنها تفخر بها.
إحدى الصحف البحرينية نقلت في عددها الصادر يوم 13 مارس/ آذار 2008 حديثا لوزير الإعلام أثناء لقائه السفير البريطاني قوله: «إن الصحافيين والإعلاميين في مأمن من عقوبة السجن وهم يمارسون أدوارهم الإعلامية حسب ما جاء في التعديلات القانونية الجديدة على قانون الصحافة المرتقب».
خلاصة هذين التصريحين وهما لرئيس الوزراء ولوزير في الحكومة أن الدولة ضمنت لمواطنيها العدالة في التعامل بكل أشكاله، كما ضمنت لهم أيضا حرية الكلمة بكل أشكالها.
لكن هذه القضية التي يتمناها كل مواطن عربي ويبحث عنها فلا يكاد يجدها في واقع حياته تحتاج إلى شيء من التفصيل - أولا كما تحتاج في الوقت نفسه إلى رؤيتها في حياة المواطنين - ثانيا -.
العدالة قامت عليها كل الأديان السماوية، والعدالة من أقوى بقاء الأمم القوية، والعدالة هي التي تطيل أمد الحكام - مسلمين وغير مسلمين -، والعدالة من أكثر الكلمات تداولا بين المسئولين على اختلاف مستوياتهم، والعدالة هي أكثر الأشياء غيابا في واقع الحال.
أهالي البحرين كما نعرف عنهم وكما قال رئيس وزرائهم عرفوا منذ القدم بالتسامح الذي يجمعهم على اختلاف أديانهم ومذاهبهم.
فالبحرين وعلى رغم صغر مساحتها وقلة عدد سكانها فهي تضم المسلم والمسيحي واليهودي كما تضم السنة والشيعة وربما غيرهم من أصحاب المذاهب الآخرى، هذا الخليط استطاع أن ينسجم بعضه مع بعضه الآخر وأن يسير الجميع موحدين لبناء وطنهم الذي يجمعهم.
ولكن الذي نسمعه هذه الأيام لا يتناسب مع تلك الحقائق التي سبق أن تحدثت عنها، سواء ما أعرفه أو من خلال التصريحات التي أشرت إليها.
المظاهرات لا تكاد تتوقف، وأحيانا يحدث فيها ما لا يمكن قبوله أو تصديقه أو حتى السكوت عليه.
هذه الحالة تستدعي الوقوف عندها طويلا ومحاولة معرفة أسبابها، ودراسة هذه الأسباب، والتوصل بعد ذلك كله لحلول مناسبة تقضي على أصل المشكلة وليس على فروعها.
الحلول الأمنية لا بد منها في بعض الحالات فلا يمكن للدولة أن تغمض أعينها عن حالات القتل أو التخريب أو انتهاك حرمات المواطنين.
وفي الوقت نفسه على الدولة أن تعرف أن التدخل الأمني جزء من الحل وليس الحل كله.
ماذا يريد هؤلاء الشباب؟ وهل مطالبهم لها نصيب من الواقع؟ إنهم يتحدثون عن البطالة، وعن ارتفاع الأسعار، وعدم مساواتهم بسواهم، وجلب آخرين ليحلوا محلهم، وغير ذلك من الأشياء التي يرونها لا تحقق العدالة لهم.
إن العدالة التي نتحدث عنها توجب النظر في هذه القضايا وإعطائها حقها من البحث ومن ثم التنفيذ خصوصا في الأشياء التي يتم الاقتناع بها ومن حق هؤلاء الشباب أن تقوم جهات معنية في الدولة بمحاورتهم والإستماع منهم، وإسماعهم الحقيقة، إن كانت هناك أشياء لا يعرفونها.
المواطن - في أي دولة - يحتاج إلى الأساسيات التي يصعب الاستغناء عنها، ويوم أن تتحقق له فإنه لن يتحرك مطلقا لإثارة أية مشكلة، أما إذا مسه الجوع فإنه لن يتوقف عن عمل أي شيء مهما كان مضرا به أو بوطنه.
أما حرية الصحافيين وهي جزء من الحريات التي يحتاجها كل مواطن مهما كان عمله فهي كما أظن جزء من العدالة العامة التي تسعى الدول لتحقيقها بين مواطنيها إن كانت حريصة على إسعادهم حرصها على استمرارها في إدارتهم.
أشكر للوزير حرصه على حرية الصحافة، وأشكره - أكثر - إن وضع ضوابط شرعية لهذه الحرية بحيث لا يتجاوز الكتّاب سقف الحرية المعطى لهم فتنقلب الحرية إلى فوضى.
الكل يتطلع إلى الحرية والعدالة، والكل يعرف أنهما من أقوى دعائم قوة الأمة وحكامها... ولهذا - كله نتمنى أن نراهما في كل مكان في عالمنا العربي.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 2062 - الإثنين 28 أبريل 2008م الموافق 21 ربيع الثاني 1429هـ