العدد 2062 - الإثنين 28 أبريل 2008م الموافق 21 ربيع الثاني 1429هـ

«وزارة التنمية» وعرقلة التنمية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

آخر ما صدر عن وزارة التنمية الاجتماعية، تصريح الوكيل المساعد لتنمية المجتمع وحيد القاسم بأن الصناديق الخيرية لا يحق لها جمع الأموال والتبرعات!

التصريح يبدو مكرّرا ومملا إلى حد لم يعد أحدٌ في الصناديق الخيرية يتقبل تكراره مرة أخرى، فالاسطوانة القديمة لم تعد مقنعة ولا مقبولة على الإطلاق، ومثل هذا التصريح يعتبر عرقلة لأعمال هذه المؤسسات الخيرية وإضرارا بالفئات المحتاجة والأسر الفقيرة، وهي بالآلاف.

إن القول بأن الصناديق «مسجّلة وفقا للمرسوم بقانون رقم (21) الصادر في 1989 تحت باب المؤسسات الخاصة، لا يحق لها على أساسه جمع المال ويكون تمويلها ذاتيا»، هو طلبٌ خرافي، لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع، فالصناديق الخيرية يتم تسييرها بجهود فردية جبارة، قائمة على التطوّع بالدرجة الأولى، إذ يتفرّغ مئات العاملين من أبناء البحرين الطيبين لإدارتها بعيدا عن الأضواء والوجاهات، في فترةٍ يتراجع إيقاع العمل التطوعي بفضل صعوبات الحياة. والوزارة التي يفترض أن تساعد هذه المؤسسات وتشد من أزرها، نراها «تتحجّج» عليها بوضع مثل هذه العراقيل المصطنعة.

إذا كانت الوزارة غير مستعدة للاستجابة لاقتراح برغبة طُرح في البرلمان بشأن دفع ألفي دينار شهريا لتغطية مصاريفها التشغيلية، فلا أقل من تركها تعمل وتجاهد من أجل البقاء، مراعاة لمصالح الفئات الفقيرة، بدل هذه المناكدات البعيدة عن روح المسئولية.

القاسم ادعى أن الوزارة لا يجوز لها مخالفة المرسوم سالف الذكر ودفع مبالغ مالية للصناديق، وذكّرها بأن <>هناك إجراءات لتصحيح أوضاع الصناديق بتحويلها إلى جمعيات خيرية ليتسنى لها جمع المال، وانتخاب أعضاء من خارج المؤسسين»، ونسي أن الكرة في ملعب الوزارة منذ أكثر من عام ونصف العام، فالصناديق وافقت على التحوّل ولم تطالب بتمييزها عن بقية الجمعيات، ولكن الوزارة هي التي (طوّلتها وعرضتها).

وللعلم، وبسبب مواقف الوزارة غير المفهومة، فإن كثيرا من مجلس إدارات الصناديق الخيرية انتهت فترة ولايتها منذ أشهر طويلة، واضطرت إلى التمديد وتأخير الانتخابات، فقط لتجاوز ما قد تخترعه الوزارة من عراقيل أمام الإدارات الجديدة، وفي مقدمتها عدم التصديق على توقيعات الأعضاء الجدد في صرف الأموال، وبالتالي الإضرار بمصالح الناس والفقراء.

إن على الوزارة أن تحاسب نفسها قبل أن تحاسب مسئولي الصناديق الخيرية، وتتعلم من أخطائها، فالوزارة إنما أنيطت بها مسئولية «التنمية الاجتماعية»، وليس عرقلتها، ومثل هذه التصريحات الخارجة عن السياق إنما تزيد الضغط على هذه المؤسسات وتعقّد من عملها وتربك أوضاعها.

وللعلم مرة أخرى... إن هذه المؤسسات الخيرية تقدّم للطبقات الفقيرة ضعفَيْ ما تقدّمه وزارة التنمية من مساعدات مادية، فضلا عن المساعدات العينية والعلاج والتعليم والأجهزة الكهربية والأثاث المنزلي والطوارئ كالحريق وما شابه. وإذا لم تكن الوزارة على استعداد لمساعدتها «فلتتركها تعمل... ولتتركها تمر» كما يقول الفرنسيون (Laissez passer… laissez faire). فحرامٌ علينا أن نضع العراقيل أمام هذه المؤسسات التطوعية أو نعمل على تجفيف منابعها المالية وكأنها منظمات إرهابية، وخصوصا أنها مقبلة على فترة صعبة، مع التهاب الأسعار وتصاعد الغلاء، وتوسع دائرة الفقر والفقراء. لا تسقوهم ماء، لكن لا تمنعوا عنهم المطر.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2062 - الإثنين 28 أبريل 2008م الموافق 21 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً