إخفاق تلو الآخر يعصف بالعملية السياسية في البحرين، وما خلا أن تبدأ مؤسسات المجتمع المدني عموما والجمعيات السياسية خصوصا في إعادة ترتيب أوراقها وتقييم المرحلة من جديد أملا في الوصول لخارطة عمل جديدة تلقي بها في أحضان الدولة، فإن الأخيرة تبدو فعلا مستسلمة لحفنة من العصابات الإسلامية ومخلفات حزب البعث التي يبدو أنها بدأت الظهور إلى العلن.
الذي يبدو مفصليا في هذا التوقيت القاتل، هو ضرورة توحيد صفوف المعارضة داخل المجلس النيابي وخارجه في مشروع جديد وموحد بعيد عن التجاذبات الايديولوجية في سبيل الوصول لميثاق شرف أو ورقة عمل وطنية تحدد وتضع السياسات التي ستنتهجها المعارضة خلال الفترة المقبلة. وخصوصا أن حالة الفوضى التي تعبث بمجمل العملية السياسية اليوم قد تتطور في لحظة - وهو ما تسعى له بعض الأطراف - لتصل بالمعارضة إلى حيث لا تستطيع لملمة أوراقها من جديد.
إن اجتماع الجمعيات السياسية المعارضة داخل بوتقة حوار جديد بات أمرا ملحا فعلا، وكما هو الخروج بورقة أو ميثاق عمل وطني جديد يبدو مهما فإن التزام الجمعيات السياسية بما ستتضمنه هذه الورقة أو الميثاق من توصيات وأهداف بات محوريا في التأسيس لعودة صحيحة لحاضنة العمل السياسي في إطاراته الشرعية والمقبولة التي ستفوت الفرصة أمام من يسعى إلى أن يلعب بالحديد والنار من هذا الطرف أو ذاك.
قد يكون الحريق القادم نتيجة لإخفاق «الوفاق» في المجلس النيابي، وقد يكون نتيجة لما كانت تتمناه وتعمل عليه بعض الأطراف في السلطة منذ مدة طويلة، لكن الأخطر من ذلك، هو أن السلطة اليوم لم تعد تدار في المستوى الثاني والثالث برجال دولة عرفوا السياسة وخبروها ويستطيعون التحكم بما قد يستجد في أية لحظة، بل تدار بمجموعة من العصابات والجماعات الساعية لجني المزيد من الثروات وهو ما يجعل الوضع في الساحة الوطنية حرجا فعلا.
الميثاق الذي ندعو له، لابد أن يتضمن تقييما لما خلصت له تجربتنا السياسية في البحرين، وبما يشمل مناخات العمل في المجلس النيابي ومجلس الشورى، وعلى الأطراف التي تريد أن تعمل على صياغة هذا الميثاق أو التقييم للتجربة أن تتصل وأن توصل هذا الميثاق لجلالة الملك بصفته الهرم الأعلى في الدولة، وهو ما يجعل الأمور أكثر وضوحا وما سيساعد على تخطي القنوات التأزيمية في البلاد.
إن الحريق القادم والذي نحذر منه، بات قريبا جدا، وهو ما يتطلب من الجميع الدخول في هذا الحوار وتفعيله أملا في الوصول لما فيه خير هذه الأرض ومن يسكن عليها.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2062 - الإثنين 28 أبريل 2008م الموافق 21 ربيع الثاني 1429هـ