بدأت نتائج الوساطة التركية لترتيب أوضاع الجولان بين سورية و»إسرائيل» تطفو على السطح. فقد افتتحت في دمشق أمس الأول (السبت) أعمال الملتقى الاقتصادي السوري التركي الأول بمشاركة أكثر من 700 من رجال الأعمال العرب والأتراك والأجانب.
وأكد رئيس مجلس الوزراء السوري أهمية هذا الملتقى الذي يشارك فيه أصحاب الأعمال والمستثمرون وأصحاب الفعاليات الاقتصادية والتجارية والصناعية الأتراك والسوريون.
ومن الأهمية بمكان النظر إلى هذا اللقاء كثمرة لقاءات متكررة متبادلة بين البلدين امتدت على مدى الأعوام الأربعة الماضية. فهناك زيارة الرئيس التركي أحمد نجدت سيزار لدمشق في العام 2005 ، وزيارتا رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لدمشق في العام 2004 و2006 إضافة إلى الزيارات المتواصلة لمسئولي البلدين وأصحاب الأعمال لتساهم في ترسيخ هذه العلاقات ودفعها إلى الأمام. ثم إن هناك الزيارة التي قام بها الرئيس بشار الأسد لتركيا العام الماضي وأجرى خلالها مباحثات مع عدد من القادة الأتراك لدفع مسيرة التعاون الثنائي والاقتصادي. كما شارك رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وعقيلته في افتتاح استاد حلب الدولي في أبريل/ نيسان العام 2007 وحضر المباراة الودية التي أقيمت بين فريقي الاتحاد السوري وفنربخشه التركي. كما شارك الرئيس التركي عبدالله غول في افتتاح احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية العام 2008.
وشهدت العلاقات السورية التركية اهتماما بالغا وخصوصا مع تولي حزب العدالة والتنمية السلطة إذ تطورت وتعززت على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وحاول المسئولون من البلدين التركيز على الجوانب الاقتصادية لتغليف القضايا السياسية التي تنضوي تحت غطاء هذا المؤتمر الاقتصادي. هذا ما حاول أن يشد أردوغان انتباه المؤسسات الإعلامية له حين عبَّر عن «إيمانه بأن البلدين سيحققان النجاح في تطوير الاقتصاد بينهما»، مشيرا إلى «أن ثمرة التعاون بينهما تجلت بشكل أساسي في زيادة حجم التبادل التجاري الذي وصل الآن إلى أكثر من مليار و200 مليون دولار».
وشدد أردوغان على رغبته في تحقيق زيادة أكبر على هذا الصعيد ليصل حجم التبادل التجاري في نهاية العام الجاري إلى ملياري دولار». ووفقا للأرقام الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء التركي وصل حجم الصادرات التركية إلى سورية في العام 2007 إلى 760 مليون دولار، وإن الصادرات السورية إلى تركيا بلغت 370 مليون دولار». ومن المعروف أن لسورية حصة كبيرة من اجمالي تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر الواردة الى الدول العربية، إذ تبلغ حوالي 9,9 في المئة من إجمالي الاستثمارات التركية في البلاد العربية.
ومن أبرز الاستثمارات التركية في سورية هي في مجالات صناعة الإسمنت، فهناك عقد لشركة تركية قيمته 250 مليون دولار في مجال صناعة الإسمنت، وكذلك هناك تعاقدات مع شركات تركية لإقامة بنى تحتية لمعامل إسمنت ضخمة، وهناك شركات تركية ضخمة زارت سورية حديثا.
وكما يبدو فإن كلاّ من دمشق وإسطنبول يسعيان سوية، من أجل إنجاح مشروع المبادرة التركية بشأن الجولان، لطي صفحة ماضية من الخلافات التي تجسدت في 3 قضايا رئيسية هي:
ملف العلاقات التركية - الإسرائيلية الذي وصل إلى مرتبة التحالف الاستراتيجي منذ العام 1996، عندما وقعت تل أبيب وأنقرة اتفاقا عسكريّا له دلالات إقليمية.
مشكلة لواء اسكندرون إذ لم تعترف سورية قط بالسيادة التركية عليه منذ تنازل الانتداب الفرنسي عنه إلى تركيا في العام 1939.
مشكلة تقاسم مياه نهري الفرات ودجلة إذ تحاول تركيا أن تثبت ملكيتها وسيادتها على مياه النهرين، كونهما ينبعان من داخل الأراضي التركية بينما تعدهما سورية والعراق نهرين دوليين ينبغي أن يطبق عليهما القانون الدولي، وتطالب سورية بـ» قسمة عادلة « لمياه الفرات.
وكما يبدو فإن هناك سيناريوّا معقدا مطروحا على طاولة العلاقات السورية - التركية، ينضوي بشكل أوبآخر، تحت مظلة الشرق الأوسط الكبير الذي تحاول إدارة بوش أن يرى النور قبل إنتهاء مدة رئاسة جورج بوش.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2061 - الأحد 27 أبريل 2008م الموافق 20 ربيع الثاني 1429هـ