يتمحوّر السؤال الذي سيكون ضروريا في معرض تناول تجربة «الوفاق» منذ إعلانها المشاركة في الانتخابات وصولا لاستجواب وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة وإخفاق- نجاح الوفاق الكلي/ النسبي - فلتختر كل فئة ما تشاء من توصيف - فيه، هو عن ما يُراد لهذه التجربة أصلا أنْ تنتهي به، وهنا قد لا تكون الوفاق بالتحديد المسئول الأوّل والأخير عن هذا المطب التي نحن على مقربة من الوقاع فيه بالقدر الذي تعتبر الدولة المسئول عن ذلك. بل أنها - أي الدولة - مَنْ بدأت في حفره وتهيئته لقتل تجربة الوفاق وإنهائها.
وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الوفاق التي قبلت بقواعد اللعبة طواعية ومن دون ممانعة، ساهمت عبر أخطائها الاستراتيجية التي بدأتها مع إعلان المشاركة في إنجاح هذا المخطط المتمثل في فشل تجربة المشاركة وتهيئة الشارع لتقبله متى ما كان جاهزا للإعلان عنه رسميا، سواء عبر اتخاذ خيار الانسحاب من المجلس والذي لوّح به الشيخ علي سلمان أكثر من مرة أو عبر الوصول لنهاية هذه التجربة والإعلان رسميا عن فشلها والعودة للملمة أطياف المعارضة التي مزقتها الانتخابات النيابية وصراعات القوى والكاريزمات.
كان للوفاقيين أنْ يصححوا قواعد اللعبة بأية طريقة كانت، لكنهم أخفقوا في الجلوس على مقاعد السياسة ولم يستطيعوا - حتى الآنَ على الأقل - الاستفادة من قواعد اللعبة داخل المجلس، والتي لا تتعلق بخطى موالاة ومعاداة حادينَ بالقدر الذي تمثل فيه الدولة - وحدَها - المنافس الرئيسي للوفاق داخل المجلس.
لقد اشتغلت الوفاق وانشغلت بموضوعة الملف المثير للجدل وبالوزير عطية الله وبالجدال والمراوحة مع الكتل النيابية الأخرى؛ لأنّها كانت تعتقد أنّ الحل يمكن إنتاجه في المجلس، وهو خطأها منذ البداية. فالحلول لا يمكن أنْ يصنعها عبر الدمى في مجلس النواب بل يصنعها من يحرّك هذا المجلس ومَنْ يمسك بزمام كتله النيابية في قبضته.
كان للوفاق أنْ تدفع نوابها للقبول في حوار مباشر تحت طاولاتهم مع الطرف الأهم والذي هو مَنْ يستطيع الوصول لتسويات تخضع لميزان التنازلات والأرباح المقابلة، وكان لها أنْ تقبل بهذا اللعب طواعية حتى تستطيع أن تفي بشيء من التزاماتها أمام شارعها الذي انهكه الانتظار والصبر، خصوصا أن خصوم الشارع من جسد المعارضة نفسه الذي انتج الوفاق باتت أكثر فتكا بالوفاق مما تفتك الدولة.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2060 - السبت 26 أبريل 2008م الموافق 19 ربيع الثاني 1429هـ