رحبت مملكة البحرين للمرة الخامسة بسباق الفورمولا 1 في بداية هذا الشهر وفتحت خلال الفترة الماضية صفحة متجددة من الإثارة والتشويق داخل حلبة السباق وخارجها. المشهود ان لهذا السباق الكثير من الآثار الديناميكية على المجتمع المحلي وخصوصا من الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية، والسياحية. الهدف من هذا المقال هو التركيزعلى سباق الفورمولا من خلال المنظور البيئي وخصوصا أثر السباق على ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال انبعاث غازات الدفيئة.
مما لاشك فيه، إن سيارات السباق السريعة نهمة في إستهلاك الوقود الإحفوري إذ يبلغ المتوسط نحو ليتر واحد لكل كيلومتر بينما يبلغ متوسط استهلاك السيارة العادية نحو 0.06 ليتر فقط لكل كيلومتر وبالتالي تحتاج سيارة الفورمولا على الأقل 16.5 ضعف كمية الوقود التي يحتاجها السيارة العادية لقطع نفس المسافة، عملية إحراق الوقود الإحفوري بواسطة محركات السيارات ينتج عنه انبعاث غازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
السؤال المطروح هو كم تبلغ كميات غازات الدفيئة المنبعثة خلال يوم سباق الفورمولا من قبل المتسابقين؟ الفقرة التالية تحاول الإجابة عن هذا التساؤل عن طريق بعض العمليات الحسابية البسيطة، يبلغ متوسط انبعاث غاز الكربون من سيارات السباق السريعة نحو 1500 جرام لكل كيلومتر ويبلغ هذا المعدل حوالي 8-9 أضعاف إنبعاث غاز الكربون من السيارات الشخصية العادية. حسب تصميم حلبة سباق البحرين فإن المسافة التي تقطعها السيارات السريعة يكون نحو 308 كيلومترات في يوم السباق وبالتالي تكون كمية الكربون المنبعثة من كل سيارة حوالي 460 كيلوجرام أو تقريبا نصف طن. وبحسب المعلومات المتوافرة على الصفحة الالكترونية لمنظم سباق الفورميلا فان عدد الفرق المشاركة في هذه السباقات يبلغ 11 فريقا وكل فريق يشترك بسيارتين ليكون المجموع 22 سيارة سريعة، بفرض عدم حصول حوادث خلال السباق و بالتالي إكمال السواق المحترفين جميع اللفات المطلوبة (57 لفة) فان كمية الكربون التي يتم إنبعاثها الى الهواء الجوي يبلغ نحو 10.1 طن في الصخير في يوم السباق بواسطة المتسابقين فقط.
هذه الكمية المنبعثة تعتبر ضئيلة نسبيا بالمقارنة مع مجموع غازات الدفيئة التي تنبعث من مملكة البحرين والتي قدرت بنحو 16.9 مليون طن العام 2004 والمنشور في تقرير التنمية البشرية لعام 2007-2008.
أعتقد أن هناك فرصة حقيقية لمنظمي حلبة البحرين الدولية في المستقبل للقيام بعملية موازنة لإنبعاثات غاز الكربون (carbon= neutral) خلال هذا السباق السنوي. المقصود من هذا المصطلح إن صافي إنبعاث الكربون الى الهواء الجوي يكون صفرا وبالتالي توازن الكمية المنبعثة مع الكمية التي سيتم توفيرها عن طريق إبتكار طرق تكنولوجية للمحافظة على الطاقة. مسئولي حلبة البحرين يستطيعون تحقيق هذا الهدف أما عن طريق محاولة إستخدام الطاقات البديلة لإنتاج الكهرباء أو القيام بعملية تشجير في منطقة الصخير أو مناطق مختلفة في البحرين. هناك أيضا طريقة آخرى لموازنة كميات الكربون المنبعثة عن طريق تجارة الكربون وبالتالي شراء إئتمان الكربون (carbon credit) من أسواق المناخ العالمية. أعتقد ان الخيار الأول أفضل فاستخدام الطاقة البديلة أو التشجير يصب عمليا في تحسين صورة السباق على المستوى الدولي.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2059 - الجمعة 25 أبريل 2008م الموافق 18 ربيع الثاني 1429هـ