قد يظن البعض أنها روايات تتناقلها ألسن البسطاء من الناس، وقليلو التجربة، لكنها في الواقع أحداث حقيقية ترويها مصادر موثوقة من داخل الجسم الطبي بمستشفى جدحفص للولادة، ترويها بأمانة وصدق، والمصادر تؤكد كفاءة الطاقم الطبي والتمريضي في المستشفى وقدرتهم الكبيرة على التعامل مع حالات الولادة ورعايتهم اللامحدودة للمريضات، ولكن حتى نكون منصفين فإن من الضروري أيضا أن يُروى الجانب الآخر من السلبيات والأخطاء التي لابد أن يعرف طرفا المعادلة وهما كل من متلقي الخدمة الصحية ومقدم الخدمة الصحية أن هناك من يراقب، ويرصد، ويعاقب المخطئين داخل مستشفيات وزارة الصحة - إن تطلب الخطب - وخصوصا إذا تسببت هذه الأخطاء الطبية في مضاعفات صحية للمرضى، حتى يأخذ المريض حقه كاملا في الرعاية الصحية ذات الجودة العالية التي تطمح لها الوزارة وتسعى إليها باستمرار، وتصرف المبالغ الطائلة لتطوير خدماتها بحيث تصبح في مصاف الدول المتقدمة وبعد كل ذلك تنال ثقة المجتمع الذي سيشعر بالأمان والسكينة إذا تيقن من أن الجميع هناك داخل وزارة الصحة يهتم/ يعتني/ يتلمس احتياجات المرضى، ويتدخل/ يحقق/ يعاقب إذا ثبت خطأ ما عرَّض حياته للخطر، وما بين الحياة والموت شعرة.
نقص الأجهزة الطبية
يعاني مستشفى جدحفص للولادة من نقص في بعض الأجهزة الطبية المهمة مثل جهاز الأشعة، والموجود جهاز قديم يتأخر جلبه عند الحاجة إليه، والذي إذا احتاجه المستشفى يُجلب من المستشفيات الأخرى، وجهاز التنفس في حالة حدوث أي أمر طارئ إذ إن هناك جهازي تنفس قديمين ولا يُسجلان قياسات الضغط ونبض القلب ولا يمكن طباعة النتائج منهما عند الضرورة، وجهاز التخطيط المستمر للقلب وهناك تساؤل مهم عن كيفية تصرف الطاقم الطبي والتمريضي في حالة مواجهتهم حالة طارئة وهناك جهاز واحد فقط لا يغطي الحاجة الفعلية إلى مثل هذا الجهاز، والأجهزة الإلكترونية مثل أجهزة الضغط في جناح الولادة والتي يتوافر منها جهازان قديمان والأجهزة الموجودة منه لا تكفي، كما أن جهاز الأشعة الألترا ساوند قديم جدا حتى أن بعض أطباء مجمع السلمانية الطبي يستغربون من استمرار وجوده وخصوصا أنه يفي بالغرض بشكل عام وليس بشكل خاص ولا يمكن للجهاز تحديد المشكلات الصحية الدقيقة، ولم تتمكن إحدى الطبيبات من تشخيص حالة بعض المريضات بسبب قدم عمر الجهاز، كما يعاني المستشفى من عدم وجود جهاز ABG لقياس نسبة الدم وغازات الدم مثل الأوكسجين وغيرها من الحالات الحرجة في غرفة العمليات.
كما أن هناك نقصا في تجهيزات غرفة العمليات بالمستشفى، وينقص المستشفى كذلك وجود فريق الإنقاذ للحالات الاضطرارية والمسمى team cpr وتعتبر أدوية صيدلية جدحفص للولادة محدودة، ويحدث تأخير في وصول بعض الأدوية من مخازن وزارة الصحة.
الأخطاء الطبية
الحادث الأول: في مارس/ آذار الماضي، نسي أحد استشاريي أمراض النساء والولادة الشاش الطبي في بطن مريضة خلال إجراء عملية ولادة قيصرية لها، وعلى رغم تأكيدات الممرضات الموجودات مع الاستشاري في العملية بأن الشاش ناقص - قبل خياطة الجرح - وبحثوا في الغرفة وأسفل السرير فلم يجدوا له أثرا إلا أنه كان واثقا من نفسه وأجاب بأنه أزال جميع الشاش ولم يكترث بالموضوع، حتى أن إحدى الممرضات ألقت نظرة على بطن المريضة للتحقق فطلب منها الابتعاد حتى لا تضر المريضة بحسب قوله، وبعد أن تمت خياطة الجرح وأدخلت المريضة غرفة النفاس، تحدثت الممرضات عن الشاش المفقود، وفحصت إحدى الطبيبات بطن المريضة بيدها ولاحظت أن الجهة اليسرى خشنة، وطلبت الطبيبة عمل أشعة للمريضة للتأكد من حقيقة الأمر، ولأنه لا يوجد جهاز الأشعة في المستشفى اضطرت المريضة إلى الانتظار ريثما يُجلب جهاز الأشعة من خارج المستشفى على رغم الحاجة الماسة إلى إجراء الأشعة بسرعة، وبعد طول انتظار جيء بجهاز الأشعة وأظهرت نتائجها وجود شيء مكان تيبس بطن المريضة وانتفاخه، ما جعل الاستشاري الذي أجرى العملية القيصرية وفي يوم العملية نفسه وبناء على نتائج الأشعة يُعيد تخدير المريضة وفتح بطنها لاستخراج الشاش.
فقد أجريت العملية القيصرية فجرا، وتمت إعادة فتح بطن المريضة قبل الظهر في اليوم نفسه، واستخرج الشاش من بطنها وهو متكتل بالدم، وتم تسجيل الحالة، ولكن هل تمت محاسبة الطبيب على هذا الخطأ الجسيم؟ كما طلب الطبيب حجز غرفة خاصة للمريضة وتم ترخيصها من المستشفى بعد يومين فقط مع أنها كان يجب أن تبقى في المستشفى أكثر من أربعة أيام، لأنه أجريت لها عمليتان في يوم واحد، ولم يُخبر الطبيب المريضة بالحقيقة بل أخبرها قبل إعادة فتح البطن بأن هناك تجمعا دمويا يحتاج إلى إزالة!
الحادث الثاني: استعملت إحدى طبيبات الولادة الآسيويات أداة شفط الطفل في عملية ولادة أخرى لشابة في العشرينيات من عمرها، بسبب تعب المريضة أثناء الولادة ولم تكن لديها القوة الكافية للولادة، وقامت الطبيبة بشفط الطفل أكثر من اللازم من دون مراعاة شروط استعمال أداة الشفط بدقة، وظلت تشفط فترات طويلة، وفي هذه الأثناء تحسنت حالة الطفل وبيَّن تخطيط قلب الطفل أن حالته مستقرة، وكان يفترض أن تنتظر الطبيبة لأن المريضة كان يمكن أن تساعد في عملية الولادة وكان يمكن إمهالها برهة من الوقت، لكن ما زاد الطين بلة استعمال الطبيبة أداة أخرى لإخراج الطفل لتوليد الأم وهي WRINGLES FORCEPS وأخرجت الطفل، وصرخت الطبيبة على المريضة ولم يكن أسلوبها لائقا في وقت كانت المريضة متعبة جدا وفي وضع ولادة، وبعد أن عاينت طبيبة الأطفال الطفل كان غير نشيط وآثار الشفط على رأسه وقد بدا رأس الطفل منتفخا والخدوش على وجهه بسبب الأداة الثانية التي استعملت، وقامت الممرضات باستدعاء طبيبة الأطفال لأن الطفل يبدو غير طبيعي واستدعوا طبيبة الأطفال فعلا وكانت قلقة بشأن استعمال أداة الشفط فطلبت الإسراع في نقله إلى جناح الأطفال وضرورة عمل أشعة له وانتظر جناح الأطفال ريثما يتم جلب جهاز الأشعة الذي يتأخر جلبه عند الحاجة إليه، وتبين من خلال الأشعة إصابة الطفل بنزيف في الرأس وهو في حالة حرجة جدا، وبعد أيام ازدادت حالته سوءا.
عدم وجود فريق إنقاذ
في يناير/ كانون الثاني أو فبراير/ شباط الماضيين توفيت إحدى السيدات خلال المخاض (الطلق) بسبب غير معروف وتوفي الطفل أيضا، وقدمت الخدمة الصحية للمريضة على الوجه الأكمل، وتمت محاولة إنقاذها بسرعة وكان الأطباء موجودين وحاولوا إنقاذها بشتى الوسائل، وقد استقرت حالتها لفترة معينة وهي لاتزال بحالة حرجة فاقترحت استشارية التخدير نقلها إلى قسم الإنعاش بمجمع السلمانية الطبي لعدم توافر الأجهزة اللازمة للإنعاش في غرفة العمليات بمستشفى جدحفص للولادة، وتوفيت المريضة أثناء نقلها من الإسعاف إلى غرفة الإنعاش في السلمانية وعليها جهاز التنفس. هنا لا يوجد خطأ طبي، ولكن لماذا لا يتم توفير فريق الإنقاذ الطبي وإعداد غرفة العمليات وتجهيزها بشكل متكامل في المستشفى لمواجهة مثل هذه الحالات؟
علاوات الممرضات
لماذا لا تعطى الممرضات في جدحفص للولادة مقابلا ماديا لقاء العمل الإضافي و(OVERTIME) والعمل أيام العطل الرسمية أسوة بنظيراتهن في مجمع السلمانية الطبي بدلا من أيام إجازة.
«الصحة» تعقب على مشكلات «جدحفص للولادة »
قال إداري مستشفى جدحفص للولادة والقائم بأعمال رئيس المستشفيات الخارجية علي صالح عاشور: «فيما يتعلق بنواقص وقدم الأجهزة الطبية في مستشفى جدحفص للولادة أود إفادتكم بأن ما ذكر عن جهاز الأشعة غير صحيح، وجهاز الأشعة الخاص بمستشفى جدحفص للولادة موجود في المستشفى منذ العام 2004، ولم تقم إدارة المستشفى باستعارة أي جهاز أشعة آخر من المستشفيات الأخرى، علما بأنه تم رصد موازنة وقدرها 14 ألف دينار لشراء جهاز أشعة جديد للمستشفى، ويوجد في المستشفى جهازا تنفس في حالة حدوث أي طارئ أحدهما في جناح النفاس والآخر في جناح المخاض وقامت إدارة المستشفى بطلب جهازين آخرين للأجنحة الأخرى ومن المتوقع تسلمهما في غضون الأشهر القليلة المقبلة».
وأضاف عاشور أنه «في الوقت الحالي يوجد جهاز واحد في المستشفى للتخطيط المستمر للقلب (ECG) وهذا الجهاز يفي بحاجة المستشفى، ومعظم أجهزة الضغط الموجود في المستشفى جديدة، أما الأجهزة القديمة فهي تعمل على ما يرام، علما بأن إدارة الأجهزة الطبية تعمل على صيانتها بشكل دوري».
واستطرد «جهاز الألترا ساوند U/S المستخدم حاليا في مستشفى جدحفص للولادة هو نفسه الجهاز المستخدم في عيادات أمراض النساء والحوامل في مجمع السلمانية الطبي كما أن إدارة الأجهزة الطبية تقوم بالصيانة بشكل دور، وتم استبعاد جهاز ABG القديم في مارس/ آذار الماضي ومن المتوقع تسلم الجهاز الجديد في غضون الأسابيع القليلة المقبلة».
وعن نقص تجهيزات غرفة العمليات في مستشفى جدحفص للولادة، نفى إداري المستشفى ذلك وذكر أن «غرفة العمليات تجرى بها ما يقرب من 50 عملية في الشهر، فإذا كانت الغرفة غير مجهزة فكيف للأطباء إجراء هذا العدد من العمليات في الغرفة»، كما نفى «عدم وجود CPR Team في المستشفى، وهو ما يدعونا إلى التساؤل: لماذا لم يتم استدعاء الفريق للمريضة الثالثة التي تناولنا قصتها»، وأردف إداري المستشفى أنه «يوجد فريق CPR Team في المستشفى وهذا الفريق مكون من أطباء وممرضات وهو موجود متى ما تطلبت الحاجة».
وختم عاشور قائلا إن «الأدوية الموجودة في صيدلية مستشفى جدحفص للولادة يتم تسلمها من مخازن الأدوية في مجمع السلمانية الطبي، فنقص بعض الأدوية في المخازن يعكس أثره على جميع المراكز والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة».
وعن الأخطاء الطبية، قالت رئيسة قسم أمراض النساء والولادة بمجمع السلمانية الطبي آمال حساني: «توجد لجنة مختصة بمجمع السلمانية الطبي لمتابعة هذه الحالات وهي إجراءات داخلية وقد تم في الحالات المذكورة اتخاذ الإجراءات من خلال القنوات الرسمية بالوزارة وهي إجراءات داخلية».
وفيما يرتبط بعلاوات الممرضات أجابت نائب رئيس خدمات التمريض بمستشفيات الولادة فاطمة الأنصاري «كان إجمالي الساعات الإضافية بمستشفى جدحفص للولادة للممرضات في العام 2004 نحو 750 ساعة وفي العام 2005 نحو 1100 ساعة وفي العام 2006 ما يقرب من 1400 ساعة وفي العام الماضي تم رفعها إلى1500 ساعة وفي العام الجاري طلبنا 2800 ساعة أي زاد العدد أكثر من ضعفين، إلى جانب ذلك تمت زيادة عدد الممرضات العاملات في مستشفى جدحفص للولادة، إذ تم خلال هذا العام توظيف 15 ممرضة، وكما هو متعارف في أي نظام إذا زادت القوى البشرية العاملة ينخفض عدد ساعات العمل الإضافية وهو المفروض أن يحدث، وعلى رغم ذلك مازلنا نرفع سقف عدد ساعات العمل الإضافية بمستشفى جدحفص، فكيف لهم أن يرفعوا شكوى حيال ذلك الموضوع؟».
العدد 2059 - الجمعة 25 أبريل 2008م الموافق 18 ربيع الثاني 1429هـ