استضافت قناة «الحوار» قبل شهر تقريبا، المواطن المصري الظريف سمير أحمد البمباوي، ليحكي للجمهور على مدار ساعتين ممتعتين قصة دخوله السجن 15 يوما بسبب كتابة شكوى عن الخبز الإلكتروني!
المواطن نشر مقالا بدأه باتصال هاتفي مع الحكومة المصرية قائلا: «ألووووه... يا حكومة، رضينا بمحدود الدخل ثم معدوم الدخل، حتى وصلنا إلى ميّت الدخل... أكلنا الأكل المسرطن وشربنا المياه الملوثة وتنفسنا الهواء الملوث وتحملنا زيادة الأسعار وصبرنا صبر أيوب على أحوالنا المعيشية، فاضل إيه تاني تعمليه فينا؟»!
ويضيف البمباوي: «انشغلت الحكومة النظيفة بالقرية الذكية وتحدثت عن علم الإلكترونية ونست زراعة الصحراء بالقمح... وتوصلت إلى فكرة إنشاء وزارة جديدة تسمى بوزارة الزراعة الإلكترونية، واكتشفت بذور القمح الإلكتروني وستزرعه في أرض القمر الصناعي وترويه بمياه النايل سات ويصنع منه رغيف إلكتروني وبهذا يتحقق الاكتفاء الذاتي، ويعدل الإنسان العادي إلى إنسان آلي، وعندما يشعر بالجوع يتم شحنه بكارت من بذور القمح الإلكتروني «!
وبلهجة مصرية محبّبة يواصل العزف على النوتة ذاتها: «وآخر ما توصلت إليه الحكومة الذكية النظيفة عمل شركة لبيع الهواء، وبعدين تخصخصها وتبيعها بشرط مراعاة محدود الدخل... وألاّ تكيل بمكيالين وتبيع الهواء الملوث للفقراء والهواء النقي للتصدير»!
في تلك الليلة شاهدت اللقاء بالصدفة، وشدني إليه الفضول لمعرفة سبب إجراء لقاء مع هذا الرجل الريفي، ولفتني لباسه وطرافته وطريقة حديثه التلقائي، فهو يمتدح الرئيس مبارك، ويستنكر تجرؤ قوات الأمن على سجنه مع أنه من أنصار الحزب الحاكم! بينما المذيع (معتز الدمرداش) يبتسم أحيانا... وتغلبه القهقهة أحيانا أخرى وهو يطرح عليه الأسئلة.
الرجل موظفٌ بسيطٌ بالوحدة المحلية بمركز «شبين الكوم»، تحدث عن معاناته في تدبير «العيش» لعائلته، والصرف على تعليم أبنائه الأربعة، (بنتان جامعيتان وولدان بالثانوية). والطريف أنه عندما انتهى من كتابة شكواه على الكمبيوتر، وقبل أن يرسلها إلى الصحف، تم القبض عليه واقتياده إلى الشرطة وهو يحمل المظروف الذي يتضمن اقتراحه بإنتاج رغيف إلكتروني!
البمباوي الذي اتهم بالتحريض على المظاهرات وتوزيع منشورات تكدّر السلم العام، أخرج لوكيل النيابة مقالا سابقا كتبه يقول فيه إنه اختار مبارك رئيسا لمصر ولا يمكن اختيار غيره حتى لو رشح بوش نفسه معه!
ابنه محمد الطالب بالثاني الثانوي قال إن والده «رجل شريف والذي في قلبه على لسانه، وهو يعرف أننا في بلد الحريات، ولكن الكارثة أنه تم القبض عليه ولم تعد هناك حريات ولا أية حاجة»! أما شقيق سمير البمباوي فقال إن شقيقه لم يوزع منشورات ولم يدعُ إلى مظاهرات، وكل ما فعله أنه كتب المقال على الكمبيوتر وقبل أن يرسله إلي الصحيفة قبضوا عليه»!
طوال ساعتين، كان البمباوي يتنقل بين التعبير عن حبّه الكبير للرئيس، والغضب الشديد من حكومة نظيف لأنها سجنته 15 يوما.. فقط لأنه تكلّم عن الخبر الإلكتروني!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2058 - الخميس 24 أبريل 2008م الموافق 17 ربيع الثاني 1429هـ