بعض الأشخاص يرى معنى واحدا للسياسة في البحرين وهو يتعلق بـ «ما الذي سيحصل عليه شخصيا؟ كم مقداره؟ ومتى؟»... ولكن مثل هذه السياسة تنتج عنها مآسٍ لا أول لها ولا آخر، وهي تخالف كل مفاهيم «الحكم الصالح»... فالحكم الصالح ينتهج سياسات وبرامج ومشروعات من المفترض أن تصب في صالح المجتمع، باتجاه التنمية ولكن مع ضمان العدالة، باتجاه الفاعلية التنفيذية ولكن مع ضمان الشفافية والمشاركة والحقوق والحريات العامة.
مثل هذا الحديث يبدو نظريا مع انتفاع الكثير حاليا من سياسة «اقتسام المغانم»، و «تكبير قطعة الكعكة (الغنيمة) حتى لو كان ذلك يتطلب حرمان الآخرين وظلمهم»، إلخ. ولكن علينا أن نكرر مثل هذا الحديث لكي يتحول إلى ثقافة نعتمد عليها لقياس الممارسات الصالحة وغير الصالحة.
إن علينا أن نغيِّر أنفسنا لكي يغير الله حالنا... فما نجده من تهالك على المغانم إنما هو حقيقة مؤلمة، لأنه أصبح حرفة يحترفها البعض (من كل الفئات) للحصول على أكبر عدد من المغانم، وهذا يعني تآكل الثروة، بدلا من تنميتها... لأن تحويل البلد إلى مغانم يتطلب انتهابها وابتلاعها وتبديد ثرواتها. في المقابل، تنشأ ثقافة الانتقام في أوساط الفئات التي لا توجد لديها مغانم، وهذا يعني توتير الأجواء التي تصبح مشدودة بين من يبتلع الغنائم، ومن يسعى إلى الانتقام.
إن السياسة الصالحة تتطلب ممارسات صالحة، وأناسا صالحين يتسلمون قيادة الجهود الوطنية، وهؤلاء يمكنهم إحداث نقلة نوعية تحرك النمو الاقتصادي الذي يشمل أكبر عدد ممكن من فئات المجتمع، من دون أي اعتبار للمحسوبية والمنسوبية، والمحاباة، والحزبية، وهي الظواهر التي تفشت في حياتنا العامة.
إن علينا أن ننقل مركز ثقل النشاط السياسي والاقتصادي إلى من يمتلك الكفاءة بغض النظر عن أي اعتبارات فئوية أو محاباة، وعلينا أن نفسح المجال للمقتدرين الذين يمكنهم خدمة الوطن بإخلاص. إن المحسوبية والمحاباة وسَّعتا مجال الفرص للمبتذلين الذين يتطرفون في ابتذالهم وفي تصرفاتهم إلى الدرجة التي تُكره الناس في السياسة ومريديها.
إن البحرين يجب أن تكون لكل البحرينيين، قولا وفعلا، وينبغى أن نعمل من أجل تحقيق هذا الأمل، وأن نقاوم الإحباط الذي تسبب في إنتاجه المبتذلون وأولئك الذين يعتبرون البحرين غنيمة يلتهمونها بدلا من وطن يخدمونه.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2057 - الأربعاء 23 أبريل 2008م الموافق 16 ربيع الثاني 1429هـ