مضت تسع سنوات منذ أنهت نيجيريا، أكبر دولة إفريقية منتجة للنفط وأكثرها سكانا، الحكم العسكري وأصبحت دولة ديمقراطية. وقد تميزت عملية التحول، على رغم كونها بطيئة ومفعمة بالمشكلات، بثلاثة انتخابات متعاقبة كان آخرها في العام 2007، وعلى رغم أن عملية إدخال الديمقراطية هذه تبقي نيجيريا معرضة لمخاطر النزاعات الدينية العرقية والمجتمعية والطائفية وتلك المتعلقة بالموارد، نظرا إلى تاريخها المضطرب.
أوجدت بريطانيا في ستينيات القرن الماضي دولة نيجيرية مصطنعة ضمت نحو 200 مجموعة عرقية تتكلم لغات مختلفة. كانت المجموعات الرئيسية هي مجموعة هوسا فولاني المسلمة وايغبو الكاثوليكية ومجموعة يوروبا المسلمة المسيحية المختلطة. وقد عملت الحدود الإدارية التي أوجدتها الحكومة البريطانية الاستعمارية على تعميق الخلافات بين المجموعات العرقية المختلفة. كما أن المناطق الجغرافية النيجيرية المترامية، والأوضاع البيئية المناخية المختلفة حدت من التفاعل بين المجموعات المختلفة وأوجدت ثقافات وأوضاعا اقتصادية متنوعة.
ولم يعمل النظام المفروض من الحكم غير المباشر على تعزيز الخلافات العرقية فحسب وإنما أعطى سلطة كذلك للزعماء التقليديين. ومن خلال سوء استخدام هذه السلطة قام الزعماء في القرى بإنشاء شبكات من الولاء شجعت القبلية والمحاباة على المدى الطويل، ومازالت نيجيريا تعاني منها حتى الآن.
كما تعقدت هذه الخلافات الإقليمية والحكم غير المباشر بشكل إضافي نتيجة التباينات الاجتماعية والاقتصادية، ونتيجة الانتشار غير المتكافئ للتعليم. ففي الشمال، كانت نسبة الأفراد الذين يحصلون على تعليم بأسلوب غربي أقل بكثير من نسبتهم في الجنوب. وكان هؤلاء الذين حصلوا على تعليم متقدم في الشمال هم بالدرجة الأولى أبناء أسر النخب والأرستقراطيات الذين سيطر الكثير منهم على السياسة النيجيرية وتبوأوا مناصب مدنية رئيسية رفيعة.
وتسبب التنافس على الموارد الشحيحة في تقوية التحالفات العرقية وأوجد عداوات بين الفصائل المختلفة. ومما عزز النزاع كذلك شبكات الولاء والسيطرة والنزعة الفاسدة للنخب لإفادة أنفسهم وإفادة مجموعاتهم العرقية أولا.
يسود الإسلام في الشمال عموما بينما تسود المسيحية في الجزء الجنوبي من البلاد. إلا أن المشكلة ليست في الدين. لم يكن الدين والتنوع العرقي بحد ذاتهما ليؤديا إلى انفجار العنف. إلا أن توجه الجنوب نحو الأفكار الغربية أوجد عدم مساواة اجتماعية اقتصادية وقوى التبعيات العرقية عبر خطوط دينية. نتيجة لذلك، بدأ الإعراب عن توترات أخرى وإبرازها يأخذ تعابير دينية، وفي نهاية المطاف بدأ اللاعبون الرئيسيون في النزاع يستخدمون الدين للحصول على الدعم السياسي.
يتمتع الجنوب بالكثير من الثروات الطبيعية وخصوصا المخزون النفطي، بينما يعتبر الشمال زراعيا بطبيعته. ويشكل النفط أكثر من 80 في المئة من دخل الحكومة. لذلك كان هناك دائما تنافس بين المجموعات المختلفة للوصول إلى هذه الموارد. ويثبت العنف وأعمال الخطف في دلتا نهر النيجر الغنية بالنفط العام 2006، حين طالب أفراد الميليشيات بحصة أكبر من العوائد الفيدرالية وفوائد أخرى من التنمية المجتمعية، أن مشكلة توزيع الموارد بعيدة عن أن تحل وستثير على الأرجح المزيد من العنف في المستقبل.
يجعل دمج الأعراق المختلفة في منطقة جغرافية مصطنعة موضوع التباين الإقليمي أمرا يصعب التعامل معه. كذلك مازال معدل العنف مرتفعا جدا، وخصوصا أثناء فترات إجراء الانتخابات.
هناك حاجة ملحة إلى التعامل مع التباينات الاجتماعية الاقتصادية بين الفصائل المختلفة في المجتمع من خلال تمكين طبقة حاكمة ديمقراطية صادقة ومجتمع مدني قوي. ومن الحاسم كذلك أن يلعب المجتمع الدولي دورا في تذكير السلطات الرسمية وغير الرسمية في نيجيريا بمسئولياتها في توفير السلام والأمن في نيجيريا.
*تتابع تخصصها في علم الإنسان (الانثروبولوجيا) والتخصص الفرعي في دراسات النزاع بجامعة أمستردام
فوندا أوتشيليك*
*طالبة ماجستير في مجال تحليل النزاع وحله بجامعة سابانتشي
ضحى سمير*
*تدرس للحصول على البكالوريوس في العلوم السياسية بجامعة القاهرة،
والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند» في اطار برنامج «وجهات نظر الشباب»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2057 - الأربعاء 23 أبريل 2008م الموافق 16 ربيع الثاني 1429هـ