تناقلت وكالات الأنباء والصحافة ما أوردته نشرة مصرف الإمارات الصناعي في عددها لشهر أبريل/ نيسان الجاري عن الموازنات السنوية لدول مجلس التعاون الخليجي لعام 2008، مشيرة إلى أنه مع استمرار ارتفاع أسعار النفط في العام 2007 وبداية العام 2008 وبلوغها 110 دولارات للبرميل تكون دول مجلس التعاون الخليجي قد تجاوزت كل الترسبات السلبية التي ترتبت على انخفاض أسعار النفط في نهاية التسعينات من القرن الماضي.
ومما جاء في النشرة أنه في العام 2003 تم تجاوز العجز في الموازنات الخليجية، أما في الأعوام الثلاثة الماضية، فقد انخفضت الديون الحكومية في بعض دول المجلس من 115 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الى 19 في المئة فقط، وهو ما يشكل نقلة نوعية للأوضاع المالية في هذه البلدان.
المسألة المهمة التي وردت في النشرة، ولم تحظ بنصيبها من التغطية الإعلامية، هي تلك الإشارة إلى ما صاحب هذه الطفرة في المداخيل من مضاعفة «تكاليف مشاريع البنية التحتية والمشاريع الاستثمارية في مختلف القطاعات الاقتصادية، فبعض مشاريع البنية التحتية التي قدرت تكاليفها بـ 5 مليارات دولار قبل خمس سنوات ارتفعت هذه التكاليف إلى 10 مليارات دولار خلال عمليات التنفيذ.» هذا الأمر قاد، وفقا لما ورد في النشرة، إلى بروز «ظاهرة التضخم وارتفاع تكاليف إقامة المشاريع وزيادة أسعار السلع والخدمات التي تعاني منها دول المجلس حاليا، (والتي) لا تقل أهمية عن مشكلة العجز وارتفاع الديون الحكومية والتي تميزت بها سنوات التسعينيات.
ويعود الترابط بين الزيادة في مداخيل هذه الدول وارتفاع معدلات التضخم إلى العام 2005 عندما بدأت دول مجلس التعاون في تحقيق إيرادات نفطية كبيرة، إذ بلغت تلك الإيرادات ما يقرب من 300 مليار دولار، بلغت حصة الإيرادات السعودية منها نحو 146 مليار دولار، والإمارات 39 مليار دولار والكويت 37 مليار دولار في حين حققت قطر حوالي 17 مليار دولار، كما حققت البحرين وسلطنة عمان معا إيرادات بلغت 16 مليار دولار.
وضاعف من قيمة المداخيل العربية مصاحبة ارتفاع أسعار النفط، قفزة ملموسة في أسعار الذهب الذي أدى ارتفاع أسعاره عالميا إلى زيادة قيمة احتياطي الذهب في البنوك العربية المركزية من 5,8 مليارات دولار في نهاية العام 2001 إلى 8,7 مليارات دولار في نهاية العام 2003. وقد تكرر هذا المشهد في قفزة أسعار النفط الحالية التي رافقها ارتفاع فلكي في أسعار الذهب.
الأمر الذي لم يرد في الدراسة هو النزيف المستمر الذي تعاني منه مداخيل نفط دول مجلس التعاون من خلال قناتين أساسيتين: الأولى هي موازنات التسلح، فقد قدر الإنفاق العسكرى لدول الخليج العربي خلال عامى 1998 - 1999، بحوالى 70 في المئة من الإنفاق العسكرى العربي، أى حوالى 29,5 مليار دولار بنسبة تقدر بـ 11,9 فى المئة من الدخل القومى لهذه الدول. وقد ذهب نصف المبلغ المذكور إلى دول أجنبية مقابل مشتريات السلاح.تجدر الإشارة هنا إلى أن تلك الفترة هي من الفترات التي تراجعت فيها أسعار النفط، إثر ارتفاع طفيف. وفي الفترة ذاتها اتفق وزراء دفاع مجلس التعاون على تطوير قوات درع الجزيرة لتمثل نواة لجيش خليجي مشترك وقد تم إقرار رفع عدد قوات درع الجزيرة من 5 آلاف فرد إلى 22 ألف فرد (كان هناك اقتراح عماني لرفع عدد القوات إلى 100 ألف فرد)، وهو ما يعني زيادة الإنفاق العسكري المشترك لدول مجلس التعاون إلى جانب زيادة الإنفاق الفردي للدول على شراء السلاح، واتفقت دول مجلس التعاون أيضا على إقامة حزام أمني يغطي الدول الست الأعضاء راداريا وتعاقدت بالفعل على إنشاء شبكة للإنذار المبكر بكلفة 80 مليون دولار يتم الانتهاء منها بنهاية العام 2001، كما تم التعاقد على إنشاء نظام اتصالات موحد لتبادل المعلومات بين غرف العمليات العسكرية في دول المجلس بكلفة 70 مليون دولار.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2056 - الثلثاء 22 أبريل 2008م الموافق 15 ربيع الثاني 1429هـ