اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية بات يشكل تهديدا مباشرا ومستمرا لاستقرار العديد من البلدان النامية، ولجهود مكافحة الفقر. وقال مون: «إن غلاء المواد الغذائية الأساسية سيعيدنا إلى نقطة الصفر» في مساعي مكافحة الفقر. ورد هذا التحذير في كلمة افتتح بها مؤتمر التجارة والتنمية الذي افتتح يوم الأحد الماضي في العاصمة الغانية (أكرا). واعتبر مبعوث الأمم المتحدة المكلف بشئون الغذاء جان زيجلر من جهة أخرى، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم سيؤدي إلى وقوع «مذبحة جماعية صامتة.» وقال أستاذ مادة علم الاجتماع السويسري لصحيفة «الكوريير آم زونتاغ» النمساوية: «إن الجوع ليس تحت السيطرة منذ مدة»، وإنه يميل إلى الاعتقاد أن من يرى غير ذلك مصاب «بالجنون».
تكررت مثل هذه النداءات من قبل الأمم المتحدة ومؤسساتها على نحو مثير خلال السنتين الماضيتين، ففي نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2007، حذرت منظمة الغذاء والزراعة (فاو) التابعة إلى الامم المتحدة من أن اسعار المواد الغذائية المرتفعة باطراد تشكل تهديدا لملايين الاشخاص في البلدان الفقيرة. وقد ارتفعت اسعار المواد الغذائية بنسبة 40 في المئة خلال العام 2006، وهي نسبة غير مسبوقة، وقد لا تتمكن العديد من الدول من مسايرتها.
وقبل ذلك، وفي مطلع القرن 21 كانت (فاو) قد حذرت من مخاطر مجاعة جماعية تحدق بالعام، وعلى وخصوصا الدول الفقيرة. وقالت (فاو) في تقريرها السنوي عن حالة الجوع في العالم « SOFI 2003» إن اتجاه الجوع «عاد إلى الإرتفاع مجددا بعد أن سجل انخفاضا متواصلا في النصف الأول من التسعينات». ويمضي التقرير قائلا إنه «في أعقاب ما أحرز من نجاح لتقليص عدد الجياع لدى البلدان النامية بمقدار 37 مليون نسمة خلال النصف الأول من عقد التسعينات، سرعان ما سجل مجموع عدد الجياع ارتفاعا من جديد بمقدار 18 مليون نسمة في النصف الثاني من العقد نفسه».
وتشرف (فاو) على برنامج الأغذية العالمي، أكبر منظمة للشئون الإنسانية في العالم. ففي كل عام يقدم البرنامج معونات غذائية إلى نحو 90 مليون من الفقراء من أجل مساعدتهم على تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية. ويشمل 58 مليون طفل يعانون من الجوع في أفقر 80 بلدا في العالم.
المثير في موضوع المجاعات هو ذلك الربط، الذي يكشفه العديد من الدراسات الميدانية، بين وباء الأيدز ومكافحة الجوع. فوفقا لإحصاءات الأمم المتحدة أودى مرض الأيدز بحياة 25 مليونا من البشر منذ ظهوره ذلك فضلا عن 43 مليونا آخرين مصابين به الآن. والمتوقع خلال العقد الحالي أن يقضي هذا المرض على أرواح يتجاوز عددها ضحايا الحروب والكوارث خلال الخمسين عاما الماضية.
وكانت الأزمة الغذائية التى هددت أكثر من 14 مليونا من البشر في إفريقيا الجنوبية في الفترة من 2002 إلى 2003 سببا للتركيز على التفاعل بين هذا المرض والأمن الغذائى. فقد تبين أن الجوع لا يمكن مكافحته بطريفة فعالة فى الأقاليم التي انتشر فيها هذا المرض ما لم تكن هناك تدخلات تعالج الاحتياجات الخاصة للأسر المصابة به وتشمل تدابير للوقاية منه وتخفيف مدى انتشاره.
ويسبب الأيدز انعدام الأمن الغذائي، ويؤدي إلى استفحاله بطرق كثيرة فمعظم ضحاياه من الشبان صغار السن الذين يصابون بالمرض ثم يموتون وهم في ريعان شبابهم وأكثر سني حياتهم إنتاجا. والمجتمع الذي يبقى بعد ذلك يكون غيرمتوازن، يزيد فيه عدد المسنين أو اليتامى فى كثير من الحالات. وكثيرا ما يكون لهذا الوضع التأثير المدمر على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي.
أطرف محاولة لمحاربة شبح الجوع في العالم هي من بنات أفكار رائد جمع الأموال على الإنترنت الأميركي جون كريين من خلال موقعه على الإنترنت المعروق بإسم فري رايس دوت كو م ( www.freerice.com
العدد 2055 - الإثنين 21 أبريل 2008م الموافق 14 ربيع الثاني 1429هـ