العدد 2055 - الإثنين 21 أبريل 2008م الموافق 14 ربيع الثاني 1429هـ

موازنة قطر للسنة المالية 2008 و2009

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

تعتبر موازنة قطر للسنة المالية 2008 و 2009 الأكبر على الإطلاق في تاريخ البلاد فيما يخص الإيرادات والمصروفات والوفرة المقدرة. كما هو الحال مع الكويت, تبدأ السنة المالية في قطر في الأول من أبريل/ نيسان وتنتهي في مارس/ آذار.

قدرت السلطات الإيرادات بمبلغ قدره 103,3 مليارات ريال قطري (أي 28,8 مليار دولار أميركي). ويزيد هذا الرقم بنسبة 43 في المئة مقارنة مع دخل الخزانة المتوقع للعام الماضي. وتعتبر هذه الزيادة النسبية كبيرة في كل الأحوال وتعكس الحال الايجابية للتطور الاقتصادي في قطر.

نمو الإيرادات

يلعب القطاع النفطي (النفط والغاز) دورا محوريا في الإيرادات إذ ساهم بنحو 65 في المئة من دخل الخزانة في السنة المالية 2006 و 2007 (لا تتوفر حتى الآن الإحصاءات النهائية للسنة المالية الماضية). كما شكلت عائدات الاستثمار 24 في المئة من الدخل الحقيقي للسنة المالية 2006 و 2007. تحتفظ قطر بمحفظة كبيرة نسبيا (60 مليار دولار حسب تقرير أصدره تشارترد بنك) ومتنوعة تشمل حصة في بنك (كريدي سويس). حقيقة القول، تعد قطر من الدول القليلة في العالم والتي تتمتع بصناديق سيادية كبيرة شأنها في ذلك شأن كل من الكويت والإمارات والسعودية فضلا عن الصين وسنغافورة.

من جملة الأمور الأخرى، تبنت السلطات متوسط سعر قدره 55 دولارا لبرميل النفط الخام. ويعد هذا الرقم مرتفعا مقارنة بالموازنة السابقة والتي تبنت 40 دولارا للبرميل. يزيد الرقم الجديد بواقع 37,5 في المئة عن إحصاءات السنة المالية السابقة لكنه لا يزال متحفظا مقارنة مع الأسعار السائدة في الأسواق الدولية في الوقت الحالي. المعروف أن أسعار النقط تباع هذه الأيام بسعر يفوق 100 دولار للبرميل. يساهم القطاع النفطي بنحو ثلثي دخل الخزانة ما يعني توقع زيادة فعلية في الإيرادات.

تعزيز المصروفات

قدرت الحكومة المصروفات بنحو 96 مليار ريال (26,8 مليار دولار) مشكلا زيادة قدرها 46 في المئة مقارنة مع المبلغ المخصص للسنة المالية 2007 و 2008. وعليه تبلغ قيمة الفائض المتوقع 7,4 مليارات ريال (أكثر من ملياري دولار) مقارنة مع 6,7 مليارات دولار حجم الفائض المتوقع للسنة المالية السابقة. يتوقع تسجيل فائض أكبر نظرا لتبني سعر محافظ لبرميل النفط الخام. يزيد حجم الفائض للسنة المالية الجديدة بواقع 10 في المئة عن السنة المالية الماضية.

أيضا خصصت الحكومة 30,6 مليار ريال لتطوير البنية التحتية. ويشكل هذا الرقم نحو 76 في المئة من مجموع المخصص للمشروعات التنموية فضلا عن 32 في المئة من مجموع المصروفات المقدرة. من ضمن الأمور الأخرى، سيتم تطوير شبكة الطرق لغرض وضع حد ظاهرة الاختناقات المرورية والتي تعاني منها قطر في الوقت الحالي.

التعليم والصحة

كما رصدت الموازنة الجديدة نحو 20 مليار ريال لقطاع التعليم بزيادة قدرها 145 في المئة عن الموازنة السابقة. في التفاصيل، سيتم صرف 9 مليارات دولار على المنشآت الجديدة. إضافة إلى ذلك، تم تخصيص 9,2 مليارات ريال للصحة والخدمات الاجتماعية مشكلا نموا قدره 92 في المئة.

ربما يساعد تعزيز المصروفات وخصوصا في قطاعي التعليم والصحة في تحسين ترتيب قطر على مؤشر التنمية البشرية والذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وكانت قطر قد حلت في المرتبة 35 دوليا (أي في المرتبة الثانية عربيا بعد الكويت في تقرير العام 2007 ما يعني تقدمها 11 مرتبة في غضون سنة واحدة). يعتمد مؤشر التنمية البشرية على ثلاثة معايير في تقييمه للدول وهي أولا العمر المتوقع عند الولادة، وثانيا نسبة المتعلمين، وثالثا نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

معضلة التضخم

حسب البيان الرسمي، أعدت الحكومة موازنتها للسنة المالية الجديدة آخذة في عين الاعتبار مسألة وضع حد لظاهرة التضخم من دون المساس بالمصروفات الحكومية على مشروعات البنية التحتية إضافة إلى قطاعي التعليم والصحة. بيد أنه يخشى أن تسبب الزيادة الكبيرة في المصروفات في تعميق معضلة ارتفاع الأسعار. تمثل السياسة المالية حجر الزاوية فيما يخص وضع حد لظاهرة التضخم لأنها تتعلق بحجم المصروفات في الاقتصاد.

يعاني الاقتصاد القطري الأمرين من معضلة التضخم (ارتفاع الأسعار وبقاؤها مرتفعة). حسب تقرير لصندوق النقد الدولي، بلغ مستوى التضخم في قطر 14 في المئة في العام 2007 ما يعني الأسوأ بين دول مجلس التعاون الخليجي. حديثا فقط، قررت السلطات تجميد أي زيادة على قيمة الإيجارات ولمدة سنتين وذلك بالنسبة للعقود المبرمة منذ بداية العام 2005. وقد تم اتخاذ الخطوة لغرض الحد من قيام أصحاب الأملاك بإجراء زيادات دورية على الإيجارات وذلك في إطار الجهود الرامية لاحتواء تداعيات التضخم.

دور الحكومة

الشيء المؤكد هو أننا لا نبيح سرا بزعمنا أن المصروفات الحكومية تعد أحد الأسباب الجوهرية وراء ظاهرة التضخم نظرا للمنافسة التي تفرضها (أي تعزيز الطلب مقابل العرض). بل يمكن الزعم بأن موازنة السنة المالية 2008 و 2009 ستشكل عبئا إضافيا على ظاهرة التضخم في الاقتصاد القطري. لا شك بأنه لا يمكن مواجهة التضخم بزيادة المصروفات.

ختاما، تؤكد موازنة السنة المالية 2008 و 2009 بأن القطاع العام يعلب دورا محوريا في الاقتصاد الوطني. تشكل المصروفات المقدرة نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي لقطر. بدورها تعتمد مؤسسات القطاع الخاص في عملها بشكل جزئي على المصروفات العامة ما يؤكد الدور النوعي للحكومة في النشاط الاقتصادي. باختصار يلعب القطاع العام دورا محوريا في عملية التنمية الاقتصادية في البلاد عن طريق حجم المصروفات من جهة وأوجه المصروفات من جهة أخرى. فتخصيص المزيد من الأموال لأغراض التعليم والصحة سيدفع بتوجه بعض المستثمرين نحو تطوير هذين القطاعين خصوصا.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2055 - الإثنين 21 أبريل 2008م الموافق 14 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً