لابد لنا ونحن نتناول موضوعات شتى تتعلق بالشأن العام أن نؤكد ونؤكد مرات ومرات أن العنف خط أحمر، ولا يوجد ما يبرر اللجوء إلى أساليب العنف مهما كانت صغيرة أو كبيرة... فالعنف الصغير يتطور إلى عنف كبير، والعنف الكبير يتطور ليصل إلى إراقة الدماء... وهذه هي مأساة دورة العنف الحلزونية، التي تبدأ بشيء وتنتهي إلى شيء آخر.
لقد رُوي عن الإمام علي (ع) بشأن كل من يعيش في مجتمع المسلمين قوله: «دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا»، بمعنى أن دم كل إنسان - سواء كان مسلما أم غير مسلم - حرام ولا يجوز التسبب في إراقته.
وفي بلادنا نشهد الكثير من الأحداث الصغيرة، وهي وإن ظهرت بشكل غير مثير أحيانا، إلا أنها في واقع الحال تتحدث عن انتشار ثقافة ممارسة العنف وكأنه ممارسة لعبة كرة القدم، وأحيانا تصعد هذه الأحداث الصغيرة لتكون كبيرة جدا. ثم إن تكرار الأحداث الصغيرة بوتيرة متواصلة يؤدي إلى إعياء العملية السياسية وتدويخها إلى الدرجة التي قد تنحو فجأة نحو تصعيدٍ ربما يكون غير مقصود في بداية الأمر.
لقد ابتلينا بتكرار تفسيرات وتبريرات لأحداث هنا وهناك، وهذه التبريرات أصبحت غير مقبولة البتة؛ لأن آثارها العكسية قد بدأت فعلا في التأثير على العمل السياسي السلمي. فمَن يودّ أن ينشط في الحقل العام تراه حاليا يتردد أكثر من مرة؛ لأن المجال لم يعُدْ مفتوحا لمن يفكر، والسوق الرائجة هي للشعارات والهتافات.
إن مسئولية تحليل وحل الخلافات السياسية والاجتماعية ليست مسئولية الجهات الرسمية فحسب، وإنما هي وظيفة الجمعيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني أيضا، وكل ذلك يحتاج إلى محترفين في العمل السياسي والاجتماعي يحملون الفكر الإصلاحي الذي يتمكن من حل النزاعات والخلافات وتحقيق المطالب العادلة على المدى البعيد. ولكي تنجح الجهود الأهلية والرسمية في إبعاد ساحتنا السياسية عن الأحداث المؤسفة والمتكررة، فإننا جميعا مطالبون بمنع نشر ثقافة الكراهية والعنف وتيسير حال التفاهم بين فئات المجتمع، وبين المجتمع والدولة... فجميعنا مسئولون عن بلدنا.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2055 - الإثنين 21 أبريل 2008م الموافق 14 ربيع الثاني 1429هـ