«ما في ديرة ما فيها مقبرة» هكذا يقال عندما يراد تهوين خَطْبٍ ما، فلعل وجود هذا الخطب في أكثر من مكان يجعل منه خَطبا هيِّنا، ولكن هل يلغيه؟! أبدا، فوجود المقابر في مختلف بقاع الدنيا لا يغير من أن المقبرة في المكان الفلاني مقبرة بها أموات وعظام نخرة، لا حديقة بها ورد وزهور عطرة!
هذه هي اللغة التي تحدث بها رئيس الوفد الرسمي الذي مثّل البحرين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف وزير الدولة للشئون الخارجية نزار البحارنة عندما قال “لا توجد دولة خالية من التمييز” وقد أراد تهوين الخطب ولكن أنّى للخطب أن يهون والتمييز في هذه البلاد أهلك الحرث والنسل؟! ولكنها كلمة حق وضع بها البحارنة اليد على الجرح.
ما يؤسف له كل الأسف أن البحرين أصبحت مثالا في المحافل الدولية على التمييز، حتى من حلفائها الذين سبق أن أعربوا عن سرورهم من المرحلة الانتقالية التي بدأت سريعة وتوقفت عجلاتها فجأة من دون سابق إنذار، وصارت هذه العجلات تارة تمشي على طريقة السلحفاة وتارة تتوقف عن السير، كأن هناك على قارعة الطريق من لا يرغب في تحرك هذه العجلات!
التمييز في البحرين أصبح ملفا مفتوحا على مصراعيه عالميا، ولا يزال كثير ممن يقتاتون عليه وعلى عفنه، يتهمون من ينتقدون هذا الوضع أنهم ينشرون غسيل البحرين على سطوح ناطحات السحاب، وهم يدركون جيدا أن من ينشر الغسيل هو من يساهم في تنامي هذا الوباء الذي تخلصت منه أشهر الدول تمييزا وعنصرية، ويصر الشاربون من لوثته أن لا يغادر هذه البلاد.
أُمُّ المشكلات في وطننا العزيز هم “المداحون” الذين لا يجيدون إلا الثناء على الطالح، معتقدين بأنهم بذلك يبنون الوطن وهم يهدمون قواعده بمعاول النفاق والكذب والدجل، وشغلهم الشاغل تحسين القبيح، وتقبيح الحسن، وتثور ثائرتهم عندما يشتغل النقد البنّاء، هؤلاء هم الأخطر على الوطن!
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 2054 - الأحد 20 أبريل 2008م الموافق 13 ربيع الثاني 1429هـ