العدد 2054 - الأحد 20 أبريل 2008م الموافق 13 ربيع الثاني 1429هـ

حدود البحرين المفتوحة

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

الوقوف عند التصريح الحكومي الأخير بشأن وجود 60 ألف مقيم بصفة غير شرعية في البحرين يلقي بالكثير من الأسئلة عمن تسبب في الوصول لهذا الرقم شخوصا وسياسات؛ فالحكومة التي جاء إعلان هذا الرقم منها دائما ما تدعي الوقوف بحزم تجاه هذه العمالة محددة الأول من يوليو/ تموز مهلة أخيرة لهؤلاء لمغادرة البلاد.

ليس الأول من يوليو هو الموعد الأخير أو المحطة الأخيرة، فكثيرة هي التواريخ التي كانت تمت عنونتها بالفرصة الأخيرة إلا أننا نكتشف بعد ذلك أن الوافدين أو المقيمين غير الشرعيين لايزالون في تعدادهم يتخطون عشرات الآلاف حتى تخال أن حدود هذه الجزيرة الصغيرة مفتوحة لكل قادم بصفة شرعية أو لا شرعية.

ليس المطلب الرئيسي هو أن تقوم الدولة بإنهاء هذه المشكلة عبر القبض على هؤلاء وإجبارهم على الخروج من البلاد، فالأبله يستطيع ترصد هؤلاء في مكاناتهم التي يعرفها الجميع ومن ثم إجبارهم على مغادرة البحرين. ووزارة الداخلية لا تريد أو بالأحرى لا تستطيع أن تفعل ذلك، فإرث البحرين من المقيمين غير الشرعيين أو الذين ينتشرون في أزقة المنامة والقرى من العمالة الرخيصة هم نتاج مراكز قوة وسلطات سياسية يصعب الإمساك بمن يحتمون باسمها في تخريب البنية الاقتصادية للبحرين من جهة، وفي منافسة البحرينيين في لقمة عيشهم وفي الاستفادة من دعم الدولة للكثير من السلع.

البنية الاقتصادية بعد إصلاح سوق العمل كان الهدف منها هو التخلص من العمالة الرخيصة التي تؤذي الاقتصاد البحريني وتستنزف قدرات الدولة. وهؤلاء الـ60 ألف مقيم بصفة غير شرعية هم في الغالب ليسو مديري مصارف أو حتى من العمالة الوافدة المتعلمة والمدربة والتي يستفيد منها اقتصاد البحرين تحديدا، هم في الغالب طبقة غير متعلمة أدخلتها تلك القوى للسوق لتعبث بها ولترمي في أحضان المتنفذين بضع دنانير مطلع كل شهر.

هؤلاء أيضا، هم من يستهلكون أدوية «السلمانية» التي تنفد أمام استهلاك المواطنين والمقيمين القانونيين، وهم من يؤثرون على مستوى الخدمات الصحية عموما، وهم من يتسببون في أزمات الدقيق والرز وحركة المرور في المنامة، وهم من يقطعون أرزاق صغار المقاولين البحرينيين، وهم من يعبثون بهذه البلاد، وهم من قد يتسببون بمشكلات أمنية كبرى، لكن هؤلاء أيضا، محميون بأسماء كبرى لا يستطيع قانون الدولة أن ينفذ عليها أو أن يعرضها للمساءلة.

تستطيع الدولة - أي دولة - أن تصنع القانون وأن تصلح السوق وأن تحدد من القوانين ما يحميها من العمالة الرخيصة التي تعتاش على الاقتصاد البحريني ولا تنفعه بشيء، لكن ذلك كله لن يكون مجديا، ما بقي هذا القانون نفسه معطلا عن التنفيذ حين تعلو الكفالات أسماء لا تُنطقُ إلا قبل «إعلان الاحترام الذي يفوق سلطة القانون» وهو «طويل العمر فلان الفلاني». حينها فقط، تدرك أن حدود هذه البلاد مفتوحة فعلا.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 2054 - الأحد 20 أبريل 2008م الموافق 13 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً