كما أشرت في مقال أمس، فإن «طبقة المسئولين الجدد» - واختصرتها بكلمة «طمج» وهي كلمة من دون معنى تماما كما أن هذه الطبقة ليس لها معنى من الأساس - صعدت فجأة في الحياة البحرينية العامة وأحكمت قبضتها على مصالح حيوية عامة منذ العام 2005. غير ان المصيبة ان هذه الطبقة مصابة بعمى الألوان فيما يتعلق بالطيف السياسي الذي اشتهرت به البحرين، بل وأصبح «عمى الألوان» لديها متلازما في كل ما تقوم به من نشاطات وخطط وبرامج غير حسنة.
فبالنسبة إلى مجموعة «طمج» فإن البحرينيين يتكونون من صنفين فقط، أحدهما ينتمي إلى طائفة من الطوائف، والمنتمون إلى هذه الطائفة - جميعهم ومن دون استثناء - أعداء أبديون يجب التخلص من نفوذهم، وإنْ أمكن حتى من وجودهم.
مجموعة «طمج» لديها عمى ألوان، فأتباع الطائفة التي اعتبروها العدوة الأولى والأخيرة، تنظر إليهم جميعا بلون واحد فقط... إذ لا فرق عند «طمج» إن كان أحد أفراد هذه الطائفة نائبا لرئيس الوزراء أو رئيسا لمجلس علمائي أو رئيسا لحركة ناقدة، او رئيسا لجمعية مرخص لها، أو خطيبا حسينيا، أو طبيبا، أو مهندسا، أو أستاذا جامعيا، أو فرّاشا... لا فرق بين هؤلاء كلهم، فجميعهم لهم لون واحد في أعين «طمج»، وجميعم يتوجب التعامل معهم على أساس أنهم أعداء أبديون، سواء كان أحدهم معارضا، مواليا، محايدا، متدينا، علمانيا، موظفا، عاطلا، تاجرا، مفلسا، ناشطا، خاملا، عجوزا، طفلا، سليما، أو سقيما... فإن الأمر سيان.
مجموعة «طمج» لديها تبريرات متعددة للاستراتيجية التي تتبعها، وهي تنشرها على مواقعها الالكترونية التي تشرف عليها، وهذه التبريرات تافهة جدا، وطرحها إلكترونيا ونشرها على الملأ يضر بسمعة نظام البحرين السياسي، وهي وجهات نظر تعبّر عن قصر نظر يضاف إلى عمى الألوان الذي ابتلاها الله به، وابتلانا بها. وما دون تلك التبريرات الساذجة والبايخة، فستجد أن كل واحد منهم لديه مجموعة من الاستعراضات الالكترونية التي أنتجها بواسطة Power Point وستجد العبارات المستقاة من مواد ومصطلحات إدارة الأعمال التي التقطوها من دراساتهم الجامعية مبعثرة وتملأ كل صفحة استعراضية من دون رابط. فبحسب الاستعراضات المذكورة فإنهم يتحدثون كثيرا عن تطبيق نظام الجودة (الأيزو)، وعن الأسس العلمية الإدارية المتطورة... إلخ، ولكن كل تلك المصطلحات مجرد غطاء لما يفصحون عنه في مواقعهم الالكترونية المملوءة بالأحقاد الطائفية ودعوات تمزيق الوطن.
ولأن مجموعة «طمج» استعجلت كثيرا منذ العام 2005، فقد أصبحت أخطاؤها كثيرة ومسلكها مثيرا للسخرية، بل ويستغرب المرء كيف أن هؤلاء أكثرهم من الشباب ومن حملة الشهادات لا يلتفتون إلى أن كل ما يعملونه أمر مخجل ومؤسف وقد أدى إلى تشويه العلاقة بين الدولة وفئات من المجتمع، وأنهم في نهاية الأمر بشر يحتاجون إلى أن يعيشوا في البحرين هانئين مع الآخرين، وأن ما يقومون به لا يحقق لهم أي شيء مما يصبون إليه. حاليا، فإن السبيل المتبع لدى مجموعة «طمج» هو التطنيش والاستمرار بشكل حثيث فيما يقومون به وكأن الناس من حولهم غنم لا يفقهون شيئا، والواقع أن الناس أذكى منهم، ولكن عمى الألوان الذي يلازمهم حاليا يحرمهم من الالتفات سريعا لأخطائهم... وندعو الله أن يوفقهم للعودة إلى نهج الإصلاح.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2053 - السبت 19 أبريل 2008م الموافق 12 ربيع الثاني 1429هـ