المفاجأة التي دعتني لكتابة هذه الأسطر، هي تلك المرأة التي أصبحت معروفة في الشارع البحريني باسم «حمّالة الفتن»، على شاكلة عمر بن سعد، الذي عُرف عنه أنه صاحب تلك الأبيات الشعرية الشهيرة:
فوالله ما أدري وأني لحائر
أفكر في أمري على خطرين
أأترك ملك الري والري منيتي
أم أرجع مأثوما بقتل حسين
حسين ابن عمي والحوادث جمة
لعمري ولي في الريّ قرّة عين
وهو القائل أيضا: اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمى! حين رمى أول سهم على معسكر سبط الرسول (ص) يوم كربلاء، إيذانا بشن الحرب على أهل البيت النبوي الشريف. وربما قالها ليثبت ولاءه للأمير الذي بعثه لهذه المهمة القذرة، وهي تصفية آل الرسول محمد (ص).
لهذا فهي إنما تنسب نفسها للطائفة الشيعية لأجل النيل منها حتى لو جاءت بأسخف طرح وأمجه، وهو الزعم من على شاشة تلفزيون البحرين بأن «الشيعة في البحرين أغنياء ويعيشون حالة من التقشف لإظهار أنهم مظلومون ومضطهدون، مثل عقدة الاضطهاد الصهيونية»!
أحد الطلاّب من أقربائي كان يتحدّث عن مدرستهم الشابة التي تدرّس اللغة الإنجليزية بإحدى المدارس الخاصة، وتثير قضايا غريبة من وحي الجهل والخيال الخصب. سألته: مثل ماذا؟ فأجاب بأنها تزعم أن أفراد الطائفة الشيعية يتعمّدون العيش بمظهر الفقر من أجل الادعاء بأن الحكومة ظالمة! فلما سألها: كيف يرتضون لأنفسهم العيش في بيوت أقرب إلى الخرائب كما في قرية جدالحاج وقرية المقشع قبل زيارة سمو وليّ العهد لها. والكل يتذكر كيف تفاجأ ولي العهد مما رآه في المقشع وأمر بإعادة بناء بيوتها وتم أخيرا توزيع هذه الوحدات السكنية الجديدة.
فماذا كان جوابها؟ كان لا يقل صلافة وقبحا عن كلام «حمّالة الفتن»، إذ زعمت أن هؤلاء يرفضون ما تعرضه عليهم الدولة من مساكن جديدة لغاية التظاهر بأنهم مظلومون، وإظهار الدولة بأنها تقوم بالتمييز والظلم ضدهم، حتى أن هذا الطالب يقول إنه راهنها على نصف مليون دينار بشرط أن تذكر مجرد حالة واحدة لفرد عُرض عليه مسكن جديد فرفضه!
المفاجأة الأخرى قبل الأخيرة، أني سألت الطالب كيف مستوى تدريسها؟ ضحك ساخرا، ثم قال: هل تعلم ما هو الامتحان النهائي لمجموعتنا؟ إنها أمرتنا بممارسة لعبة الورق «البتة» وتعليمها للطلبة الآخرين. هذا هو امتحان الإنجليزي النهائي لحمّالة الفتن «الشابة». أما المفاجأة الأخيرة الأقرب للخيال، فهي أن هذه المدرّسة الشابة تربطها علاقة نسب وبحسب حقيقية بالحمّالة الأصلية، التي ألقت خرافاتها على جمهور شاشة تلفزيون العائلة العربية ذات مساء!
إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"العدد 2051 - الخميس 17 أبريل 2008م الموافق 10 ربيع الثاني 1429هـ