ما حدث وما يحدث من تجاذبات أمنية في البحرين يبعث على الشعور أنّ البحرين ربما تكون مقبلة على مرحلة لا يرتضيها أحدٌ إلاّ للمغرضين والمندسين تحت أسماء مستعارة هدفهم الأوّل النيل من لحمة المواطنين بكلّ فئاتهم وتوجهاتهم.
التصعيد الأمني الأخير منشأه عدم دراسة الوضع بواقعية من الجميع بدءا من كبار المسئولين إلى بعض المواطنين. المسئولية المشتركة تحتم على الجميع التعاون لحلحلة المشكلات بصدق وبحسب الإمكانات المتاحة من دون تفريق. إنّ دور كبارالمسئولين يتطلب القيام بزيارات ميدانية مكثفة للإطلاع على أوضاع الناس وما يعانونه من مشكلات وأوضاع مأساوية في بعض المناطق المحرومة التي ينكر البعض وجودها. وتركيز هؤلاء المسئولين على بعض المناطق وغض الطرف عن المناطق المنكوبة والمحرومة يعطي ذريعة لمن لا يريد الخير والتطوّر للبحرين وشعبها، فلا يكفي أنْ يقوم أيّ مسئول بزيارة ميدانية من أجل الإطلاع فقط، بل يجب أنْ يتحمّل المسئولية الوطنية في نقل ما يشاهده بعينه إلى الجهات المعنية للتنفيذ فقد ملّ الناس من الوعود الواهية التي تحمل في أكثرها استعراضا بأداء واجب الزيارة الاستطلاعية.
من يحمل المواطن المسئولية وحدَه في المشكلات التي تعانيها البحرين فهو خاطئ، ومَنْ يعتقد أنّ المشكلات غير موجودة إلا في مجتمعات معيّنة فهو مخطئ، فقد أضحت الكثير من المواقع والمجتمعات البحرينية بحاجة إلى اهتمام من المسئولين والعمل على حلها. المشكلات المتنوعة التي يتحدّث عنها الكثير من المواطنين أصبحت ملموسة من الجميع إلاّ مَنْ يحاول أنْ يربط ذلك بمنظور طائفي. فالبطالة تنتشر وتنخر في مجتمعنا الصغير بكلّ سلبياته وأضراره وعلى مستوى البحرين، فلا خطة سنوية مثلا لاستيعاب العاطلين والداخلين لسوق العمل كما تفعل بعض الدول عندما تخطط لتوظيفهم سواء من الجامعيين أو المهنيين بشروط ورواتب محددة ترضي طموحاتهم.
كما أنّ مشكلة الفقر الواسعة الانتشار في معظم أرجاء البحرين لا تجد إلاّ الحلول المهدئة بصرف مبلغ أو علاوة معينة. صحيح أنّ الفقر موجود في كلّ المجتمعات ولكن النسبة في ازدياد في البحرين ولها من الأسباب الكثيرة التي لم تعالج وتبحث على مستوى عال من الاهتمام. مشكلة البنية التحتية المتهاوية لبعض المناطق لا تجد إلاّ الوعود والصراعات للحصول عليها، يجب أنْ تتضافر الجهود لجعل البحرين دولة متطوّرة من ناحية البنية التحتية فمازالت بعض المناطق تشتكي من عدم وجود المجاري والمنازل المتهالكة وعدم وجود المدارس والأندية والشوارع الصالحة والمراكز الاجتماعية والصحية والأسواق التجارية والإسكان وغيرها من البنى التحتية التي تريح المواطن من العناء والتذمر.
في ظل الوفرة المالية الحالية جراء صعود النفط الذي تعتمد عليه الدول الخليجية سارعت هذه الدول إلى البدء بالاعمار وإشراك المواطنين في الحصول على نصيب من هذه الوفرة عبر توفير ما يحتاجه مواطنوها لأنها تعتقد أنها ملزمة تجاههم وأنّ المسئولين يعملون لأجلهم.
إن إيصال صوت المواطنين ومشاكلهم ومشكلات مناطقهم تقع الآنَ على عاتق ممثليهم سواء من أعضاء الشورى أو النواب أو البلديين، ويجب على المسئولين أنْ تكون أبوابهم مفتوحة بالإضافة إلى زياراتهم الميدانية لحل هذه المشكلات.
التقصير الحاصل من بعض المسئولين لا يعطي المبررات للإضرار بالأمن والتعدّي على حقوق الآخرين، ولكن يجب العمل على صون أمن البحرين من خلال إشراك البحرينيين في المحافظة على أمنهم والعمل على حل مشاكلهم من دون استثناء وعدم اتهام جهات خارجية بزعزعة الأمن أو الولاء للخارج أو الاتهام لأشخاص بعينهم باستغلال المنابر، فما دامت المشكلات الكبيرة موجودة ولا توجد مساعٍ صادقة لحلها ولا إجماع وطني على أهميتها فستكون البحرين في مهب الريح أمام أي تصرف غير مدروس ومسئول.
عقلاء وشعب البحرين كافة يدركون أهمية الأمن وينشده ويطالب بوضع الحلول الناجعة لمشاكله ولن يجد أيّ شخص كيف هي طيبة وتحضر وثقافة وتفاهم هذا الشعب الغيور على أمنه وأرضه الساعي إلى نبذ وبث الفرقة والطائفية بين مكوناته سواء بقصد أو بسوء نية.
إقرأ أيضا لـ "حسين خميس"العدد 2051 - الخميس 17 أبريل 2008م الموافق 10 ربيع الثاني 1429هـ