العدد 2050 - الأربعاء 16 أبريل 2008م الموافق 09 ربيع الثاني 1429هـ

النكرات لا تمثّل إلا نفسها!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ليس من اللعب الذكي أنْ تأتي بنكرةٍ لتشتم الناس وتشكّك في وطنيتهم وتتهمهم بالارتباط بدولةٍ أجنبيةٍ وتشبّههم بالصهاينة، ثم تدّعي أنك تخوض معركة من أجل حرية التعبير!

والناس ليسوا على هذه الدرجة من الذكاء المتواضع بحيث يبلعونها، فليس هناك دولةٌ في العالم، تطالب كلّ يوم مواطنيها بإثبات حبّهم لتراب الوطن، كما لو كانُوا في إقامةٍ جبريةٍ بمعسكر اعتقال نازي، وتسلّط عليهم أصحاب الألسنة البذيئة والسلوك المتعجرف الذي لم يطله التهذيب.

الساكت عن هذه النكرة شيطانٌ أخرس، ولو كنّا في بلدٍ يحترم مكوّناته الاجتماعية ويُعاملهم سواسية كأسنان المشط؛ لقُدّمت هذه النكرات إلى المحاكمة وفق القانون، بتهمة التحريض على إثارة الفتنة والاحتراب الداخلي ونشر الكراهية بين أبناء المجتمع.

هذه النكرات ليست ذات تاريخ وطني سابقا، ولا وجها إصلاحيا حاليا حتى تفخر به البحرين. والبحرين في هذا الظرف المحلي والإقليمي المحتقن، آخر ما تحتاج إليه هذه النكرات. وبلدنا أعزّ قدرا وأجلّ مقاما من أنْ تمثلها أو تنطق باسمها هذه الطبول التي لا تطفو ويرتفع سعرها في السوق إلاّ أوقات الفتن. فهي ما دخلت محفلا أو ندوة أو مؤتمرا إلاّ أثارت فيه غبار الفتنة والشقاق. ففي مؤتمر ضمّ 500 شخصية وطنية تدخل عليهم لتخرّب مساعيهم المباركة من أجل حماية الوحدة ومحاربة الطائفية التي تنخر جسدنا. وكعادتها تلقي بالنار وتنصرف، فهي فوق أنْ يُرَدّ عليها أو تُناقَش آراؤها، وحضور المؤتمر من رجالات وسيدات البحرين ليسوا أكثر من بعوض وذباب.

البحرين، حكومة وشعبا، تستحق شخصيات أرقى لتمثّلها وتنطق باسمها غير هذه النماذج الموتورة المتشنجة على الدوام. حتّى المفكّر القومي العربي الكبير معن بشور لم يكمل الاستماع لـ «خطبتها الهوجاء» في المؤتمر القومي احتراما لذاته. وهي ذات المسلكيات الحاطّة بسمعة البحرين التي أثارت مشاعر الاستهجان والاستغراب لدى ضيوف البلاد الكثر من العلماء والمفكرين، ليس أوّلهم هاني فحص وليس آخرهم الفلسطيني عزمي بشارة.

ثم من الذي نصّبها ناطقة باسم هذه الطائفة وهي لا تحوز ثقة عائلتها كما يتداول في المجالس الخاصة؟ وإلى متى تتكلّم باسم البحرين وهي لا تمثل إلاّ نفسها... فقط؟ فلو شاركتْ في انتخاباتٍ اليوم لما حصلت على عشرة أصوات يقينا، فالنماذج «المستربحة» لم تكن يوما موضع ثقة الناس، والدليل أنّ إحداها شاركت في الانتخابات ولم تحصل حتى على 5 بالمئة من الأصوات رغم المقابلات التلفزيونية ومقالات أقاربها الصحافية الداعمة لها... لأنك ببساطةٍ، لا يمكن أنْ تكسب بالدجل ثقة الناس.

إنهم أعداء الإصلاح ونجوم أزمنة الفتن. عندما وقف أحد السفهاء، واسمه الأشعث بن قيس، ليردّ على الإمام علي (ع) مساعيه في إصلاح أمر المسلمين بكلامٍ سوقي، أجابه مغضبا: «ما يدريك ما عليّ مما لي... عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين... واللهِ لقد أسرك الكفر مرة والإسلام أخرى فما فداك منهما مالك ولا حسبك. وإن امرءا دلّ على قومه السيف وساق إليهم الحتف لحريٌ أنْ يمقته الأقرب ولا يأمنه الأبعد». فهل تنتظر من الناس الذين شبّهتهم بالصهاينة أن يصفّقوا لها ويرموها بالورود؟ أم تنتظر أنْ تسلّم لها الطائفة مقاليدها بعد كذبتها الكبرى بتخزين الأسلحة في المآتم والحسينيات؟ وإذا كانت عائلتها قد ضاقت بحماقاتها ذرعا فحريٌ أن يضيق بفظاظتها الأغراب!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2050 - الأربعاء 16 أبريل 2008م الموافق 09 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً