التقرير الذي نشرته احدى الصحف الزميلة الصادرة باللغة الانجليزية قبل يومين، والذي تضمن انتقادات من قبل بعض العاملين ضمن قوات الأمن البحرينية - من غير البحرينيين - لـ«الطريقة التي تتعامل بها وزارة الداخلية مع المتظاهرين»، واتهاما للمتظاهرين بـ «أنهم تلقوا تدريبات عسكرية على استخدام المولوتوف وإحراق الإطارات في كل من إيران وسورية والعراق وذلك أثناء زياراتهم لتلك البلدان ضمن الشعائر الدينية»، يُعد بلا أدنى شك تصريحا غبيا فيما يتعلق بقضية كرزكان، وخصوصا أن مثل هذه الاتهامات التي أطلقها بعض «رجال الأمن» قد تُدخِل البحرين في صراعات دبلوماسية وسياسية وحسابات وصراعات إقليمية معقدة، ليست البحرين في حاجة إليها.
أولى ردود الفعل الرسمية كانت من السفارة السورية في البحرين، التي رفضت مثل هذه الاتهامات واصفة إياها بـ «الاتهامات العارية من الصحة وغير المسئولة». ولكن الذي لابد أن يتم التعليق عليه بجدية واهتمام، هو أن مثل هذه الاتهامات - التي لعبت جهات محسوبة على السلطة عبر أدواتها وأيديها في الصحافة الدور الأكبر في ترويجها طوال السنتين الماضيتين والتي خرجت من بعض أعضاء مجلس الشورى الذي من المفترض أن يكون أعضاؤه محط ثقة الشعب لا من تعودوا تخوين ولاءات الشعب - يمكن احتواؤها في الداخل من البلهاء، وخصوصا أن من يُطلقها في العادة هم بلهاء القوم أو أولئك التواقة أنفسهم لضرب العصي على ظهور العباد وتوجيه البنادق لأفواههم، ولكن أن تتطور هذه الاتهامات للخارج وأن تصبح حديثا رسميا فهو ما سيتسبب بالتأكيد بمشكلات لا نهاية لها، وليست البحرين بحاجة إلى أن تتورط في حسابات معقدة هي في غنى عنها.
الذين خرجوا بمثل هذه الاتهامات قبل أن ينطق بها بعض رجال الأمن ليسوا من البحرينيين، وعلى الرغم من أن مثل هذه الاتهامات لا تزيد على كونها خطابات يستقوي بها الضعفاء الذين لا يريدون لهذا المشروع الإصلاحي أن يستمر، فإنها هذه المرة أصبحت من دون ضبط. أن تخرج مثل هذه التصريحات من أفراد وزارة الداخلية فهو ما يطرح الكثير من التساؤلات، وهو ما يتصل أيضا بحقيقة المكونات العقلية للعاملين في الأجهزة الأمنية في البحرين، التي تتكون من خليط جنسيات متعددة، ومن هذه الجنسيات مواطنو إحدى الدول الأطراف والمتهمة بتدريب هؤلاء الشباب الذين يطلقون زجاجات المولوتوف؛ مما قد يتطور في النهاية الى ما قد يشبه «صراع الجاليات» داخل هذه المؤسسة التي يقع على عاتقها حفظ الأمن في البلاد. وهي إشارة غير حسنة لابد أن تكون وزارة الداخلية قد أدركت خطورتها.
أما الأهم من صراع الجاليات أو التورط في حسابات إقليمية فهو ضرورة قراءة هذه الحادثة تحديدا بوصفها بداية حصد الأخطاء التاريخية حين أصبح حفظ أمن البلاد في يد غير أهلها، وأصبح القريب بعيدا، والبعيد قريبا.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2049 - الثلثاء 15 أبريل 2008م الموافق 08 ربيع الثاني 1429هـ