العدد 2295 - الأربعاء 17 ديسمبر 2008م الموافق 18 ذي الحجة 1429هـ

أيها الرئيس أوباما:افعلها

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يستحيل عليّ إزالة مومبي من ذهني. أفكّر بشكل متواصل بموشيه، الطفل البالغ سنتين من عمره وهو جالس في بركة من دماء والديه يبكي مناديا أمّا وأبا ذهبا إلى غير رجعة.

يصعب عليّ تصور كيف يستطيع أي شخص تبرير العنف ضد الأطفال، ولكن الكثير من الناس يفعلون ذلك.

واقع الأمر أن المتشددين من جميع الأديان والجنسيات يبررون قتل الأطفال أو تركهم أيتاما. هذا أمر يصيب الإنسان بالغثيان. سنبقى غير متحضرين إلى حين تصل الإنسانية إلى تفاهم بأنه لا يوجد أي تبرير أبدا لقتل الأطفال أو جعلهم أيتاما.

منذ بدايات القرن العشرين، اعتبر ذبح الأبرياء تكتيكا عسكريا شرعيا، وهو ليس بالأمر الأفضل، خسائر جانبية لا يمكن تجنبها. لم ينحط النزاع العربي الإسرائيلي بعد إلى مستوى المذابح الجماعية الكاملة. ولكن ما من شك هناك بأننا نتجه في هذا الاتجاه ما لم نبدأ بالتعامل مع النزاع العربي الإسرائيلي بالإلحاح الذي يتطلبه.

لم يحصل ذلك حتى الآن. هنا في واشنطن، يقول أناس يفترض أنهم أذكياء إن إجراء عمل فوري لحل النزاع العربي الإسرائيلي قد يكون جميلا، ولكنه غير حرج حاسم. هؤلاء الذين يطرحون هذا المفهوم هم دون استثناء متعلقون بـ «إسرائيل» ويعتقدون أن الأمور الواقعية للوضع الراهن تشكل أقل تهديدا لمستقبل «إسرائيل» من الأمور غير الواقعية للمفاوضات. وهم على خطأ كبير. الوضع الراهن يدمّر «إسرائيل».

يمسك بضع مئات الآلاف من المستوطنين الدولة بأكملها رهينة. يعامَل الجيش الإسرائيلي الذي كان في يوم من الأيام يتمتع باحترام شامل باحتقار من قبل اليمينيين الذين يرونه كرمز لحكومة «إسرائيل» التي يرفضون شرعيتها.

يقوم المستوطنون بالإساءة للفلسطينيين وإذلالهم وسرقة منازلهم وتدمير موارد رزقهم. وهم في حالة مستمرة من الهيجان المدمّر، يصادرون منازل الفلسطينيين في الخليل ويرعبون مزارعي الزيتون ويدمرون محاصيلهم ويسممون أراضيهم بحيث لا تستطيع الخراف والماعز أن ترعى، ويصادرون الأراضي في قلب القدس الشرقية الفلسطينية.

بالطبع، نظراؤهم من حماس هم أسوأ حالا. حتى الآن لم يسقط أي من صواريخ حماس على مدرسة ليقتل بضع مئات من الأطفال، وهو أمر لا بد وأنه يشكل خيبة أمل للإرهابيين. ولكن إذا فشل وقف إطلاق النار أو لم يتسن تجديده، أو استمر خرقه وانتهاكه، أصبح من غير الممكن تجنب مقتل أطفال إسرائيليين. في هذه الأثناء، يعاني أطفال غزة الفلسطينيين ويموتون من الحصار الإسرائيلي الذي لا يميز، مثله مثل الصواريخ، بين الأطفال والإرهابيين.

إلا أنه لا يوجد شعور ملّح بضرورة إنهاء هذا النزاع. ومن الممكن جدا ألا يحصل ذلك إلى حين وقوع مجزرة رهيبة.

يغضبني كيهودي ساند «إسرائيل» طوال حياته أن يعمل أناس يسمون أنفسهم أصدقاء «إسرائيل» بهذه الحماسة للحفاظ على هذا الوضع.

قبل بضعة شهور عندما أرادت وزيرة الخارجية الأميركية رايس الذهاب إلى المنطقة للقيام بجهد أخير لتحقيق اتفاقية إسرائيلية فلسطينية، أسرع ناطق رسمي يهودي إلى البيت الأبيض والتقى بالرئيس ونجح بإفشال خطة رايس.

لا شك أنه عاد إلى نيويورك وهو يشعر أنه حقق عملا جيدا لصالح «إسرائيل». كلا لم يحقق ذلك. لقد تسبب بالأذى لـ «إسرائيل»، مثله مثل غيره الذين يتفقون معه في آرائه، وكما فعلوا في كل مرة وضعوا فيها المعوقات والحواجز في طريق سلام عربي إسرائيلي. لو كان الأمر في يد هؤلاء الناس لما كان لـ «إسرائيل» أي تعامل مع الفلسطينيين ولمضت المعاهدة الإسرائيلية المصرية دون توقيع، ولكانت الأردن لاتزال في حالة حرب مع «إسرائيل».

يكرّس هؤلاء المتحدثون جهودهم لوضع حالي لا يمكن إدامته. هناك أربعة ملايين فلسطيني في الأراضي المحتلة. هل يتخيل هؤلاء الذين يساندون عدم القيام بأي عمل أن الفلسطينيين سوف يختفون عن وجه الأرض؟

هل يعتقدون أن بالإمكان إنكار حقوقهم الإنسانية الأساسية (مثل حق تقرير المصير) إلى الأبد؟

هل يعتقدون أن بإمكان الجيش الإسرائيلي السيطرة على أربعة ملايين إنسان عندما يقررون، ربما بمساعدة إيران والقاعدة، بأن المقاومة المسلّحة توفر الفرصة الوحيدة لإحقاق حقوقهم؟

هل يريدون حقا أن ينتظروا ليروا ما الذي سيحصل؟

لأجل «إسرائيل» ولأجلنا، يتوجب على الرئيس أوباما أن يعين مبعوثا خاصا إلى الشرق الأوسط، وأن يوكّله بتطبيق المبادرة العربية لتحقيق السلام العربي الإسرائيلي.

بوجود 365 صوتا انتخابيا، ومجلس شيوخ بأيدي حزبه، وضمان 80 في المئة من أصوات اليهود الأميركيين في جيبه، لا يملك الرئيس أوباما مبررا بألا يتصرف، وأنا لا أعتقد أنه في مجال البحث عن مبرر كهذا.

سيكون باراك أوباما هو الرئيس الذي ينهي هذا النزاع.

* عمل مديرا للتحليل السياسي في منتدى السياسة الإسرائيلية، لمدة طويلة على تلة الكابيتول، وهو محرر سابق لتقرير الشرق الأدنى لمنظمة الإيباك، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2295 - الأربعاء 17 ديسمبر 2008م الموافق 18 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً