العدد 2295 - الأربعاء 17 ديسمبر 2008م الموافق 18 ذي الحجة 1429هـ

ثقافات الزواج تتعولم في مهرجان فنون الشعوب

حاول ذلك الشاب من الجنسية البنغلادشية أن يترجم الآية الكريمة التي تقول (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) إلى اللغة الإنجليزية خلال كلمة الترحيب التي ألقاها، مستغلا المعاني الأخاذة في الآية، والتي تغطي أهم محوري مهرجان فنون الشعوب الذي أقيم في القرية التراثية بالمتحف الوطني، وهما التقريب والتعريف بفنون الشعوب وإرثهم التاريخي عبر تجسيد عاداتهم وتقاليدهم في إقامة احتفالات الزواج.

الحضور كان كثيرا ومنتشرا عبر مساحات القرية التراثية، التي احتضنت العديد من الجاليات المشاركة بصفة رسمية في المهرجان الذي قام بتنظيمه مسرح جلجامش، إلى جانب عدد آخر من المهتمين بالإطلاع والتعرف على إرث وثقافات الشعوب الأخرى المتواجدة فيه.

وفي نظرة عامة على المهرجان، نجد أن المسرح قد أسس لمهرجان يستمر لعدة سنوات قادمة، وذلك من خلال تحديد ثيمة يختص بها كل مهرجان يقام، إذ تم اختيار ثيمة الزواج لهذا العام، وعملت من خلال هذه الزاوية سفارات الدول المشاركة على تقديم عروض حية على خشبة المسرح لأساليبها في إحياء هذه المناسبة الاجتماعية الهامة، والتي لا تقتصر على شعب أو فئة معينة، بل تشمل الجميع من مشرق الأرض إلى مغربها.

نائب رئيس مسرح جلجامش ورئيس المهرجان ياسر ناصر كان معنا في لقاء للتعريف بالمهرجان وإلقاء الضوء عليه، إذ بدأت فكرة المهرجان كما قال ناصر بأنها «فكرة أتت من مسرح جلجامش، الذي يهتم دوما بتقديم ما هو جديد عبر تسليط الضوء على النواحي التي لم يتم تسليط الضوء عليها في الأعمال السابقة أو لدى المسارح الأخرى، ولذلك فإننا اهتممنا خلال فترة بفنون الاستعراض والتعبير الحركي في المسرح، ونحن اليوم نعيد تحوير فكرة بدأت معنا من خلال مسرحية قدمناها في عام 1995، كانت عبارة عن مركبة فضائية يركبها مجموعة من الشباب ويجولون حول العالم «مضيفا «في تلك الفترة شارك معنا أشخاص من الفلبين والهند وباكستان، فرأينا أن هذه الفكرة جيدة لتسليط الضوء وتبادل الثقافات والفنون والإطلاع على فنون الآخر وإتاحة الفرصة لهم كي يطلعوا على ما لدينا، ولذلك قررنا أن نقدم في السنة الأولى لهذا المهرجان الجاليات الموجودة في البحرين، والذين من خلالهم نقوم بتعميق هذه التجربة التي استمرت مناقشتها ثمان سنوات، ولم يتم تقديمها سوى هذا العام».

ووجد المشروع بعض العراقيل التي أخرت إقامته طوال تلك الفترة، إلا أن ذلك لم يحد من عمليات التفكير في كيفية إخراج المهرجان بصورة مناسبة ومحببة للجميع كما أوضح رئيس المهرجان، الذي ذكر بالقول « وجدنا أن نأخذ كل عام ثيمة معينة للمهرجان، بحيث يتفق عليها كل الجاليات وكل الشعوب، وارتأينا أن تكون لهذا العام ثيمة الزواج، الذي يخص كل الشعوب بجميع أطيافهم وطبقاتهم، إلى جانب الكثير من الثيمات المستقبلية التي نرغب في طرحها خلال الأعوام المقبلة».

وقد بدا جليا أن الهدف من هذا المهرجان قد تجسد، وذلك أن التفاعل والحضور للجماهير أسس لقاعدة تبادل ثقافي، متيحا للآخر الاطلاع والاستزادة من فنون الشعوب، كما كان المجال متاحا لتسويق الفن البحريني الموجود.

ناصر ذكر بالقول أن «الجاليات الموجودة في البحرين تعيش معنا، ولكنهم منغلقين على أنفسهم في الأندية والتجمعات الخاصة، وقد أحببنا أن نخرجهم للسطح، كي نرى ما يدور في العالم وكيف يعيش أبناء هذه المجتمعات، إذ وجدنا أن هناك أشياء واعتقادات عند الآخرين من معتقدات دينية وطقوس غريبة نجهلها، وقد كان للمهرجان السبق في إبرازها للجميع».

المهرجان افتتح تحت رعاية محافظ العاصمة الشيخ حمود بن عبدالله آل خليفة، إذ رفعت فيه أعلام الدول المشاركة في المهرجان، وتم خلال الافتتاح القيام بمسيرة متلونة، مارس فيها المشاركون من الجاليات فنون الزواج وأغانيه، إلى جانب مقطوعة موسيقية عالمية شاملة لكل الجاليات المشاركة، استخدمت فيها الآلات الموسيقية المتنوعة بمشاركة عازفين من مختلف الدول، وهي من تأليف وتوزيع الفنان وليد محمد من فرقة الشموع، بمرفقة يعقوب بوجندل وتوزيع عارف بوجيري، الذين رافقتهم فرقة محمد بن فارس للفنون الشعبية.

وقد حضى المهرجان خلال يومه الثاني بمشاركة الفنان السوداني عمر إحساس، الذي يعد أحد أشهر مطربي السودان، إذ قدم الفن الدارفوري الذي عكس صورة مختلفة عن هذه المنطقة التي اشتهرت بسبب الحروب والاقتتال فيها، إلا أن الصورة التي عكست للجمهور كانت مخالفة وجميلة بفنونهم وأغانيهم وموسيقاهم التي ترافق تقاليد الزواج لديهم.

وكان المهرجان قد قدم بالتنسيق والتعاون مع جهات مختلفة، كان منها الملتقى الثقافي الأهلي وجمعية البحرين للفنون التشكلية، إذ قام الملتقى الثقافي بتنظيم أمسية شعرية ضمت شعراء من فلسطين والعراق والأردن والبحرين واليمن، قدم فيها الشعراء خليطا من فنون الشعوب عن طريق الشعر، فيما قدمت جمعية البحرين للفنون التشكلية عبر نادي المصورين لديهم معرضا للمصور البحريني حيدر رفيعي، إلى جانب معرض للمصور الأردني، الذي نقل صورا ملتقطة في مناطق متفرقة تعكس التنوع الثقافي للمملكة الأردنية الهاشمية.

وكان إلى جانب ذلك تقديم لمشروع السلام للفنان البحريني عباس الموسوي، الذي قدم في الافتتاح عرس الألوان، بمشاركة أطفال من الجاليات بملابسهم التقليدية، إذ رسموا تعبير الأطفال عن الزواج وأموره.

مدير المهرجان ياسر ناصر علق على هذا التنوع الكبير في ما قدمه المهرجان بالقول «أحببنا في البداية أن نفتح المهرجان للجميع، إذ إن بعض الجاليات أحبت المشاركة بمعارض، وبعضهم أحب أن يشارك بأكلاتهم الشعبية دون أن يقدموا عروضا، لقد تمت عملية التنسيق مع السفارات بشكل سلس، والسفراء كانوا متعاونين لأبعد الحدود، وكانت جميع الأمور ميسرة، ماعدا السفارات الأوروبية التي صعب التعامل معها، وذلك هو سبب غيابهم عن المهرجان».

وعن سر غياب الخليجيين في المهرجان ذكر ناصر أن «غياب الجانب الخليجي عن المهرجان يعود لأن الجاليات الموجودة من كل الدول غير كثيرة، وحتى لو كانت كثيرة فهم لا يملكون نوادي أو تجمعات لإقامة وتنظيم مشاركتهم، وكان من المفترض أن يكون هناك مشاركة لمسرحية سعودية، إلا أنهم تعذروا بسبب تزامن المهرجان مع وقت الأعياد».

جدير بالذكر أن المهرجان تضمن عروضا مسرحية قدمت خلالها الجالية الباكستانية عرضا لمسرح العرائس، وقدمت فلسطين فكرة الزواج بطريقة تمثيلية جميلة وأسلوب مسرحي كما هي الجالية العراقية التي قدمت مسرحية «تتبغدد علينا».

وقدم مسرح جلجامش من البحرين مسرحية عايشة من إخراج جمال غيلان وتأليف حبيب غلوم، إلى جانب مسرحية الحوطة، التي هي من تأليف إبراهيم بحر وإخراج ياسر ناصر

العدد 2295 - الأربعاء 17 ديسمبر 2008م الموافق 18 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً