العدد 2048 - الإثنين 14 أبريل 2008م الموافق 07 ربيع الثاني 1429هـ

نتائج اجتماع محافظي البنوك المركزية الخليجية

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

لم يحمل البيان الختامي للاجتماع الخامس والأربعين للجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول مجلس التعاون الخليجي أي مفاجآت أو قرارات جديدة. فقد أكد البيان مضي دول المجلس في تنفيذ التكامل الاقتصادي وصولا إلى الاتحاد النقدي في الموعد المحدد أي في العام 2010.

وكانت العاصمة القطرية (الدوحة) قد استضافت الاجتماع الأخير قبل عشرة أيام وسط تكهنات من قبل الأطراف ذات العلاقة باتخاذ قرارات بشأن أمور مثل إعادة تقييم العملات في ضوء تراجع قيمة الدولار. وتم عقد الاجتماع في قطر بصفتها رئيسة الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي. وكانت قطر قد استضافت القمة الثامن والعشرين في نهاية العام 2007 والتي تم الإعلان فيها بدء العمل بمشروع السوق الخليجية المشتركة مطلع العام الجاري. وركز المجتمعون على موضوع حيوي وهو ضمان توافر الأجواء لضمان إطلاق الاتحاد النقدي الخليجي في العام 2010. كما تم إعلان اجتماع استثنائي في منتصف يونيو/ حزيران المقبل بهدف تنسيق المسائل العالقة.

تنسيق المواقف

إعلان اجتماع استثنائي خطوة في الاتجاه الصحيح في ضوء تسارع تغيير سعر صرف الدولار الأميركي فضلا عن استمرار تراجع معدلات الفائدة. يعتبر هذان الأمران محورين لأقصى حد ممكن نظرا لارتباط عملات دول المجلس بالدولار باستثناء الكويت (يقال بأن الدولار يشكل أكثر من نصف وزن العملات المشمولة في سلة العملات الكويتية).

الأمر الايجابي الآخر هو تنسيق المواقف بشأن استمرار ربط العملات بالدولار. ما يهم في هذا التطور يتمثل في وضع حد للتصريحات التي تصدر من بعض دول المجلس بشأن وجود رغبة عارمة لإنهاء حالة الربط ما يتسبب في إرباك السوق. نأمل ألا يخرج أحد من المسئولين بإعلان رغبة بلاده في إنهاء حالة ربط العملة بالدولار ما يشكل إحراجا للدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون.

شروط الاتحاد النقدي

يتضمن مشروع الاتحاد النقدي مجموعة من المعايير تتمثل في تقييد الدين العام بنسبة 60 في المئة من الناتج المحلى الإجمالي. كما أن الدول ملزمة بضمان عدم ارتفاع العجز في الموازنة العامة بنسبة 3 في المئة من الناتج المحلى الإجمالي. أيضا المطلوب من الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي التأكد من عدم ارتفاع مستوى التضخم عند متوسط الدول الأعضاء زائد 2 في المئة. كما ينبغي ألا تزيد أسعار الفائدة على متوسط أدنى ثلاث دول زائد 2 في المئة. أخيرا المطلوب من الدول الاحتفاظ بقدر من الاحتياطي يغطي قيمة واردات لمدة أربعة أشهر.

وربما ساعدت ظاهرة ارتفاع أسعار النفط وبقائها مرتفعة لفترة قصيرة في تعزيز فرص التقييد بالمعايير المتعلقة بالدين العام والعجز في الموازنة العامة فضلا عن الاحتياطي المالي.

على سبيل المثال، حققت الموازنة العامة للسعودية فائضا قدره 48 مليار دولار في العام 2007 فضلا عن 71 مليار دولار في العام 2006 (أي الأعلى في تاريخ موازنات المملكة). وقد عمدت السلطات السعودية إلى الاستفادة من الفوائض المالية لتقليص حجم المديونية العامة من 98 مليار دولار في العام 2006 إلى 71 مليار دولار في العام 2007. وعلى هذا الأساس، تراجعت الأهمية النسبية للمديونية العامة من 28 في المئة للناتج المحلي الإجمالي في العام 2006 إلى 19 في المئة في العام الماضي. كما هو الحال مع بقية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، أقدمت الحكومة السعودية على توظيف جانب من الفوائض في تعزيز الاحتياطي العام لتغطية الواردات فضلا عن النقد المتداول.

معضلة التضخم

بالمقابل، تسبب ارتفاع أسعار النفط (وبالتالي فرصة زيادة المصروفات الحكومية) في تعقيد مشكلة التضخم في اقتصادات دول المنطقة. فحسب صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يبلغ متوسط التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي 7 في المئة في العام 2008. لكن هناك تفاوتا في مستويات الغلاء وخصوصا بين كل من قطر والسعودية. يتوقع أن يتم تسجيل نسبة تضخم قدرها 12 في المئة في قطر مقابل أكثر من 4 في المئة في السعودية في العام الجاري.

وكان الاقتصاد القطري قد سجل نسبة تضخم قدرها 14 في المئة في العام 2007. بل زعمت تقارير غير مؤكدة بأن نسبة التضخم في قطر ربما تجاوزت 15 في المئة في العام الماضي. كما تم تسجيل نسبة تضخم قدرها 7 في المئة في السعودية في شهر كانون الثاني/ يناير بسبب ارتفاع كلفة الإيجارات والمواد الغذائية.

قمة مسقط

يبقى ما يهم هنا هو، كيفية حل إشكالية وجود تفاوت كبير لمستوى التضخم (والذي يجب ألا يزيد لأي دولة عن متوسط الدول الأعضاء زائد 2 في المئة). المؤكد أن قطر تعاني من مشكلة الالتزام بهذا المعيار. وكان لافتا ما قاله محافظ مصرف قطر المركزي (الشيخ عبدا لله بن سعود آل ثاني) بأن التضخم لن يؤثر على قرار إطلاق مشروع الاتحاد النقدي. بل أكد المسئول القطري بأن المجتمعين لم يناقشوا أصلا التضخم وفك عملات دول المجلس بالدولار.

بدورنا نعتقد بأن عدم مناقشة هذين الموضوعين الحساسين مسألة تحسب ضمن خانة سلبيات الاجتماع الرابع والخمسين لمحافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية. نقول ذلك لأن التضخم يعد أحد المتغيرات الخمسة لتطبيق الاتحاد النقدي. كما أن قضية الارتباط بالدولار من عدمها يشكل حجر الزاوية للسياسات المالية لدول المجلس. المعروف أن الكويت انفردت في العام 2007 بإعلانها ربط الدينار بسلة عملات - تشمل - لكن لا تقتصر على الدولار.

ختاما لا يمكن استبعاد اتخاذ قادة دول المجلس قرارا يقضي بتأخير تدشين الاتحاد النقدي أثناء قمة مسقط في نهاية العام الجاري. وربما يكون الهدف من ذلك تشجيع السلطنة في إعادة التفكير برفضها الانضمام للمشروع. أما الخيار فهو إعلان عمان بشكل واضح التزامها بشروط الاتحاد النقدي على رغم عدم انضمامها للمشروع.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2048 - الإثنين 14 أبريل 2008م الموافق 07 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً