مشكلة أحداث العنف التي ازدادت في الفترة الأخيرة لن تحلها الإجراءات القمعية التقليدية التي تبشر بها أوساط محسوبة على مواقع نافذة في الدولة ترفع حاليا لواء الدعوة إلى إعادة قانون أمن الدولة وتقوم بالتشهير بطائفة من المجتمع. الحل بعيد المدى يكمن في أمرين متلازمين، هما: تنفيذ سياسات العدل الاجتماعي تنفيذ حكم القانون العادل على الجميع (والمقصود بالجميع: جميع الأشخاص والطوائف والقبائل والفئات المجتمعية وجميع الهيئات النافذة وغير النافذة).
إن وقوع القتلى أمر مفجع ويجب أن يدان ويجب أن ينتهي من الساحة البحرينية بأسرع ما يمكن، كما يجب إيقاف مصادر نشر ثقافة الكراهية والتحريض، وهذه المصادر ليست محسوبة على المعارضة فقط، وإنما محسوبة على الدولة أيضا، ومعروف أصحابها ومصادرها ومجالاتها. وفي الوقت الذي نرحب بقرار مجلس الوزراء بشأن النظر في ما تقوم به بعض المنتديات الإلكترونية، فإننا ندعوه أولا إلىالنظر في المنتديات التابعة لأوساط نافذة في الدولة، وهي منتديات تحرض على العنف والكراهية من العيار الثقيل. واذا تحركت الجهات الرسمية ضد المواقع المحسوبة عليها، فسيكون لها صدقية لو تحركت (بعد ذلك) على مواقع أخرى تتبنى ثقافة نشر الحقد والكراهية والإشاعات المغرضة.
بعض المجموعات التي تتغذى من مصادر نفوذ في السلطة تود الاستزادة من العطايا، ولذا فهي تنشر هذه الأيام مقالات مملوءة بالأفكار الشوفينية والنازية، وهذه المجموعات تعتقد بأن استهدافها لفئة من المجتمع (على طريقة قانون أمن الدولة المقبور) سيحل لها المشكلة، متناسية أن المجتمع بكل فئاته عانى ويعاني من قوانين جائرة ومن أصحاب الأفكار الداعية إلى كراهية الآخرين.
المسلسل المأساوي الذي شاهدنا فصولا منه يمكن أن يتوقف بالحزم وبالعدل. والحزم على أساس العدل يتطلب أولا منع مصادر نشر ثقافة الكراهية، ويتطلب تنفيذ سياسات ملموسة تهدف إلى تطبيق العدالة الاجتماعية ومنع التمييز الطائفي ومنع استهداف أي فئة من المجتمع؛ ذلك لأن تهميش أي فئة واستعداءها يتحول مع الأيام إلى حركات عنف ليس لها أول وليس لها آخر.
نقف مع الدولة في مسعاها إلى تطببق القانون (العادل) على الجميع من دون استثناء، ونقف مع الدولة إذا كانت فعلا تود إسكات مصادر نشر الكراهية والحقد (على أن تبدأ بالجماعة المحسوبة على بعض الجهات الرسمية أولا)، ونقف مع الدولة عندما تنفذ سياسات العدالة الاجتماعية وتمنع التمييز بحيث لا يوجد لدينا مواطن من الدرجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، فالجميع أبناء وطن واحد، تحت قيادة سياسية واحدة، ولذلك يجب أن يطبق عليهم قانون واحد فقط... ومقابل ذلك إن جميع ابناء الوطن يجب ان يتمتعوا بحقوقٍ متساوية.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2048 - الإثنين 14 أبريل 2008م الموافق 07 ربيع الثاني 1429هـ