العدد 2047 - الأحد 13 أبريل 2008م الموافق 06 ربيع الثاني 1429هـ

اليابان أوّلا والمراهنة على خلافات آسيا

نصائح أولبرايت للرئيس الأميركي المنتخب(1)

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

نشرتْ صحيفة «الحياة» على خمس حلقات أجزاء من كتاب وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت. فالكتاب هو خطاب يشتمل على نصائح للرئيس الأميركي المنتخب الذي سيتسلّم منصبه في مطلع العام 2009. أطلقت أولبرايت، التي خدمت في إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون، على نصائحها الإرشادية «مذكّرة إلى الرئيس المنتخب». وتضمنت المذكّرة تعليمات للرئيس المقبل تتصل بالسياسة الأميركية الدولية التي يجب اعتمادها تجنبا لوقوع أخطاء قاتلة كما حصل في عهد الرئيس الحالي جورج بوش.

نصائح أولبرايت جاءتْ في سياق خطة عمل مبرمجة تقترح على الرئيس المنتخب الأخذ بها لكونها تعتمد على معرفة بالتاريخ وتجربة خاصة تأسست خلال عملها في إدارة كلينتون. فالنصائح مقترحات تمزج بين رؤية عامّة استندت إلى تجارب الدولة في عهود سابقة وقراءة خاصة تعتمد على معلومات تراكمت من خلال التجربة.

تكشف أولبرايت في حلقتها الأولى (الثلثاء 8 إبريل/ نيسان الجاري) عن حساسية بوش من كلينتون التي وصلت إلى حد الغِيرة والحسد والمخالفة. فبوش كان يرفض أيّ اقتراح جاء من عهد سلفه. «أيّ شيء إلاّ كلينتون» هذا ما كان يُردده بوش لكلّ المستشارين وطاقم الإدارة. وبسبب هذه النزعة الكيدية تورّط بوش في سياسات طائشة أودت بسمعة إدارة واشنطن إلى الحضيض.

انطلاقا من هذه المقارنة التي وصفت اختلاف أسلوب كلينتون في إدارة الأزمات (وصفته بالرئيس الذي لا ينام) عن أسلوب تسلّطي اعتمده بوش تبدأ أولبرايت بتحديد المفاهيم العامّة التي يجب أنْ تتبعها الولايات المتحدة؛ لتصحيح مسارها التاريخي. والتصحيح يبدأ بعدم إهمال الحلفاء، وعدم الإفراط في استخدام القوّة، وعدم السماح للايديولوجيين بتقرير مصير دولة براغماتية في علاقاتها الدولية. وهذا الأمر يتطلب طرد الإحساس بعدم الأمان والخوف الدائم من تعرض الأمن القومي للخطر.

الإحساس بوجود خطر على الأمن يؤدّي، كما ترى أولبرايت، إلى نمو نزعة عسكرية تسيطر على «وعينا القومي» وتصبح القرارات مضطربة وتؤدّي إلى نتائج عكسية كما حصل في أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين. فالمبالغة في تقدير الخوف أدّت لاحقا إلى تراجع استخدام «قوتنا» وأحدثت «فوضى في محاربة الإرهاب» وعطلت فكرة الديمقراطية وإمكان انتشارها في مناطق مضطربة، والخوف أيضا ساهم في تقويض «نموذج» العراق وإعياء الجيش الأميركي وتقلّص تحالفاتنا الدولية وإنزال الضرر بالاقتصاد والتجارة والاحتياط النقدي.

المخاطر الخمسة

بناء على هذه المفاهيم العامّة المقرونة بالتجارب والأدلة ترى أولبرايت أنّ أميركا تواجه الآنَ خمسة مخاطر أربعة ظاهرة والأخيرة مخفية. المخاطر الظاهرة هي: الإرهاب والانتشار النووي والشك بالديمقراطية واتساع الهوّة بين الأغنياء والفقراء. أمّا الخطر الخامس فهو احتمال ارتداد أميركا إلى الداخل ودخولها عصر العزلة الدولية وترددها في القيام بواجباتها الإنسانية ومهماتها التاريخية. والخطر الأخير تعتبره أولبرايت الأسوأ؛ لأنه «يُفاقم تلك الأخطاء الأربعة». خيار الانكفاء (العزلة) سيئ ولكنه مسألة محتملة؛ لأنّ التاريخ الأميركي يشهد دائما على أنّ الولايات المتحدة كانت «ترد تاريخيا على فترات التدخل الشديد في الخارج بمحاولة الانعزال». وهذا الاحتمال برأي أولبرايت ليس جيّدا لذلك قدّمت للرئيس المنتخب مجموعة اقتراحات ونصائح وإرشادات في إطار مذكّرة تعتمد فرضيات تشير إلى ضرورة التدخل في سياق عقلاني وهادئ ومن دون مبالغة في القوّة أو إفراط في التوقعات الوردية.

«كن طموحا. ولكن تواضع في كلماتك ما استطعت». هذه النصيحة وضعتها أولبرايت للرئيس المقبل حتى لا ينزلق في سياسة هوجاء كما فعل سلفه بوش، وكي لا يندفع إلى الداخل تاركا الخارج يعصف بالعالم بينما أميركا تعيش منفردة في كهف منعزل.

في الحلقة الثانية (الأربعاء 9 أبريل) تبدأ أولبرايت بشرح رؤيتها الكونية للسياسة الدولية بناء على التقاليد الأميركية وتجربتها الشخصية في إدارة كلينتون.

تبدأ أولبرايت القراءة من الشرق إلى الغرب. ففي الشرق هناك «البلدان الرائدة» ولكن النزاعات السابقة «لا تزال تلازم هذه البلدان». وبناء على هذا التوصيف تؤكّد أنّ اليابان هي الحليف الأوّل للولايات المتحدة وهي تأتي في المقدّمة وقبل الصين القوية والصاعدة. وعلى أساس هذا الترتيب في الأولويات الأميركية ترى أولبرايت أنّ آسيا تعاني من مشكلات بنيوية المعطوفة على تنافس بين الدول الصاعدة اقتصاديا وتخبطها الإقليمي المترافق مع نموها السريع الذي يوترالعلاقات بين الحداثة والتقاليد. وتتوقع أنْ تشهد آسيا «الاستقرار» شرط ألا يحاول «بلد ترهيب الآخر». وهذا الاحتمال وارد إذا ظهرت نزعة الإمبريالية الإقليمية. وتنصح أولبرايت الرئيس المنتخب أن يستفيد «من انشغال البلدان الآسيوية ببعضها بعضا».

غدا: العراق وفلسطين وسورية

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 2047 - الأحد 13 أبريل 2008م الموافق 06 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً