العدد 2047 - الأحد 13 أبريل 2008م الموافق 06 ربيع الثاني 1429هـ

ما هكذا تورد المصالح يا مشرعون؟!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

هل هم بوارد حل المشاكل العالقة بينهم أم معالجة القضايا المتراكمة؟ وهل سيخلطون كعادتهم بين نبيذ مصالحهم الخاصة وماء المصلحة العامّة؟

كثيرا ما أسأل نفسي هذه الأسئلة حينما اطلع على «الإبداعات» و«الفلتات» الموسمية للعديد من أعضاء السلطة التشريعية و «المجلس الوطني» بغرفتيه النيابية والشورية، حينما يعلن العضو والممثل والفرد والفارس منهم في ليلة وضحاها، أنه سيقصم رقبة الفساد ويكشف المفسدين ويفضحهم ويصلح جميع الأزمات المؤسساتية الطافحة من خلال سؤال واحد فقط! نعم مجرد سؤال مع ضمان حرمان الطرف الآخر المنوط به تقديم الإجابة والإفادة حق الاستفسار وطلب المزيد من التوضيح والتفصيل رغم أنّ اللائحة الداخلية تقر ذلك الحق!

أليس من حقهم على أنفسهم أنْ يكونوا في التزامهم قدوة يتأسى بها؟! هل هم المشرعون سيكسبون ثقة السلطة التنفيذية عبر إدمان التعسف في استخدام الأدوات التشريعية على حساب حقوق غيرهم؟!

إنّ المطلع والمتفحص في ظاهرة استخدام الأسئلة الفضفاضة والعامّة من قبل المشرع وتوجيهها للسلطة التنفيذية ليدرك بأن هذه الأسئلة الصماء تشير إلى منبتين أو جذرين لا ثالث لهما، فهي إما أنها أسئلة لا تدرك ذاتها أو بالأحرى صادرة من قبل أشخاص ليس لهم أيّ علم واطلاع بالقضية مصدر البحث، فهم لا يدركون أصحاب الاختصاص الحقيقي وقبلها حقيقة هذا الاختصاص، ولا هم يدركون إلى أين ستسير بهم «الماية» عسى أنْ يكتسبوا بذلك سعرات حرارية شعبية مفيدة بهذه الأسئلة الاستهلاكية الكربوهيدراتية، وربما هذه الحالة موجودة بكثرة في أروقة المخدع النيابي!

أمّا المنبت أو المنبثق الآخر فهو يتعلّق بكون هذه الأسئلة أكثر منها ثأرية من أنْ تكون أسئلة ثورية، ففي بعض الحالات النيابية والشورية يرمي أصحاب هذه الأسئلة من وراء طرحها إلى تشويش المسئول التنفيذي وتشتيت باله وذهنه، خذ على سبيل المثال أنباء المشادة الأخيرة التي وقعت داخل أروقة الشورى مع وزير التربية والتعليم، فبغض النظر عن ما تم تناوله من قضايا ومسائل تهم الجميع، فإنّ سؤالنا إلى عضو الشورى هو: هل فيما لو تم تجديد عقود شركتك من أجل القيام بالتدقيق على حسابات وزارة التربية والتعليم فإنّ أزمة المؤسسات التعليمية بصدد الانتهاء والاندثار ومعها أيضا ستتبخر اهتماماتك بها ولا هوادة في ذلك؟

وهناك سؤال آخر إلى عضو شورى آخر دخل ضمن ذات المشادة التي جرت مفاده: هل ستنتهي أزمات التعليم وخصوصا أزمة جامعة البحرين إذا ما تم إعادة تعيين قريبك عميدا لإحدى الكليات في الجامعة «وعلى رأسه ريشة»، بعدما انتفت إعادة التعيين هذه المرة، وأصبحت بالتالي هنالك أزمة؟!

وليسمح لي العضوان الشوريان على مثل هذين السؤالين الصلفين عن الدوافع والنيّات المكشوفة عسى ألا تكون «أختك مثلك»، فأنا كغيري من مواطنين ابتليت بأزمة عدم الثقة المجربة جيّدا من قبل التعامل مع العديد من أعضاء الشورى والنيابي، والتي يفيد إدراكك نظريات علم المناخ والمواسم السياسية جيّدا في قراءتها بتمعن واستيعاب مختلف الرسالات السياسية الماورائية والمتعلقة في غالبيتها العظمي بالتماس تسيير مصالح خاصة مغلفة بأغشية مصالح عامة. فالأدهى أن تنتهي المشادات والاستجوابات تلك كعادتها مرفقة بطلبات محسوبية وتوسط وتوظيف محدد تتوسّل من قبل «الأبطال» الذين من المفترض أنهم سيسعون إلى محاربة الفساد وعزل المصالح الخاصة عن العامّة وكشف جذور الأزمات!

وبما أنّ وزارة التربية والتعليم كانت كغيرها من مؤسسات الدولة على رأس قائمة الاستهداف سواء من قبل مساومات قوائم التوظيف أو توقيع العقود المصلحية المشتركة والتي عادة ما تأتي من جماعات التمكين السياسي «الشرعي» لإعداد «شباب الغد» و«جيل المستقبل»، فإنني لا أظن أبدا بأننا سنستفيد شيئا في ما لو حلّت «الوفاق» مكان «المنبر»، أو حلّت «الأصالة» مكانهما، وذلك لن يزيد الوضع إلاّ تأزما. وبالمثل لن تنتهي أزمات التعليم والمؤسسات التعليمية في البحرين بمجرد تجديد عقد شركة محددة للتدقيق الداخلي أو بمجرد إعادة تعيين قريب لعضو مجلس الشورى في منصب العمادة الجامعية مجددا أو بالاستجابة لقوائم التماس المحسوبية والوساطة المقدمة منهم!

وربما في الغرفة الأخرى من «المجلس الوطني» هنالك «رقاصة وبترقص»، فظاهرة استجوابات وأسئلة «الريموت كونترول» المتساقطة من أعلى كندف الثلج على رؤوس النواب لم تكن إلا جزءا لا يتجزأ من ديدن ودأب وعقيدة العديد من أعضاء المجلس، وخصوصا منهم قوى التمكين السياسي «الشرعي» التي لم تتورّع من أن ترتكب وتتورّط بأسوأ مما تورّط به أعضاء السلطة التنفيذية إلى حد يمكنك القول فيه الأولى أنْ يستجوب النواب بدلا من الوزير عن أمر تلك الجهة. ففي إحدى وزارات الدولة الخدمية والمعنية بالمرافق العامّة وإصدار الرخص بلغ سيل الاستغلالات الفئوية والحزبية الزبى، حيث بإمكانك وأنت تتجوّل في أحد أقسام الأجهزة التنفيذية التابعة لهذه الوزارة أنْ تشاهد انعكاس واندغام ديكور وهيئة ومضمون ومزاج «الجمعية السياسية» والتيار الإسلاموي المعيّن مع كامل القسم والإدارة من موظفين وكوادر حزبية أكثر من كونها وظيفية فمنح ودورات تدريبية إذ يعمل مسئول القسم والمغناطيس الحزبي الكبير على تجميع وتكديس و»تكويش» جميع الدورات التدريبية الخارجية التي تعقد في أجمل وأرقى عواصم وفنادق العالم ويفرغها في «مخباه» ويوزّعها على مَنْ «يحب في الله»، لأنّ «من أحب الله فقد أحبه»!

وخلاصة ما نودّ قوله في كلتا الحالتين الشوروية والنيابية هو أنّ مَنْ دخل وداخل وتداخل بغرض محاربة الفساد فلا يحق أنْ يمنع غيره من الغرف والالتهام من ذات كعكة المصالح إذا ما كان هو أول المبادرين لذلك حين رفع الجلسة، ومن رام تصيدا في المياه العكرة لا ينبغي أنْ يكون أوّل من يشرب منها أو يسكبها على دماغه!

فما هكذا تورد المصالح الحميمة يا جماعة، وما هكذا تفتح الحسابات الخاصة في المصارف والبنوك فهناك إجراءات عامة أكثر شفافية واحتراما للذات حتى ولو كانت الغرفتان للإيجار للمصالح الخاصة والأحزاب الطائفية والفئوية وقبلها لأصحاب المكافآت والعمولات لا الكفاءات!

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2047 - الأحد 13 أبريل 2008م الموافق 06 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً