العدد 2047 - الأحد 13 أبريل 2008م الموافق 06 ربيع الثاني 1429هـ

طروحات متباينة حول الحرب في العراق

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يسرد الأميركيون والعراقيون قصتين مختلفتين عن الحرب في العراق. يقول معظم العراقيين إنّ الغزو والاحتلال الأميركيين، أشعلا نار العنف. القصة الأميركية السائدة هي أنّ القوّات الأميركية تعمل على كبح جماح العنف الطائفي وعلى تحسين الأمور في العراق. هذه الفجوة في المنظور تقوّض بشدة أركان جهود الدبلوماسية العامة في كافة أنحاء العالم الإسلامي، الأمر الذي يستلزم جهودا أوسع بكثير لفهم وجهة النظر العراقية.

جلست الأسبوع الماضي أشرب الشاي في عمّان (الأردن) مع مجموعة من العراقيين العاملين في مجال التنمية الاجتماعية. تحوّل الحديث من تركيزهم على التوسط بين زعماء السنة والشيعة والأكراد في قرى في أنحاء العراق كافة إلى سؤال أوسع حول كيف يمكن التوسط في الطروحات الأميركية والعراقية حول الحرب.

«هل يعي الأميركيون أنهم تسببوا في تدهور الوضع؟ هل يعلمون أنه لم يكن هناك وجود للقاعدة هنا قبل الحرب، بينما تمتلئ مدننا اليوم بالإرهابيين؟»

«رغم أن البعض منا أرادوا من الولايات المتحدة أن تساعد في التخلص من صدام حسين إلا أنّ معظمنا يعتقدون أنّ الأميركيين أطالوا البقاء. يشعل الوجود الأميركي في العراق العنف الطائفي ويشكل مغناطيسا يجتذب القاعدة وغيرها من المقاتلين الأجانب. يشعر العراقيون بالإهانة من الاحتلال ويعتقدون أنّ الولايات المتحدة مستمرة في البقاء في العراق لتبرير بناء قواعد عسكرية دائمة ولضمان الوصول إلى النفط العراقي لصالح شركات النفط الأميركية الكبرى. نريد من الولايات المتحدة أنْ تعلن عن جدول زمني لانسحابها. سوف تتراجع حدة العنف بعد انسحاب الولايات المتحدة».

يشير العراقيون إلى ذل الاحتلال على أنه السبب الرئيسي لرغبتهم بأن تغادر الولايات المتحدة بلدهم، ويعتقد العديد من العراقيين أنّ مصالح الولايات المتحدة في كلّ من النفط العراقي وإنشاء قواعد عسكرية دائمة في العراق تؤثر على السياسة العراقية وتحوّل مجراها، إنْ لم تسيطر عليها كليا. ويشير هؤلاء إلى سخرية التناقض بأن الذين يريدون «تقسيما مريحا» للعراق هم حلفاء غير محتملين، وهكذا يسمح التقسيم بتأثير أكبر من طرف الولايات المتحدة وإيران والقاعدة ومصالح مؤسسات النفط الكبرى. يفضل معظم العراقيين أنفسهم، من ناحية أخرى، حكومة مركزية قوية تسيطر على مواردها النفطية.

تدعم بيانات الاستطلاعات هذا الطرح العراقي، فقد أظهر استطلاع جديد مشترك لمؤسستي (أي بي سي) و(بي بي سي) أن أكثر من 70في المئة من العراقيين يريدون من الولايات المتحدة أن تغادر العراق. ويعتقد غالبيتهم أنّ تحرك القوات الأميركية الأخير زاد من حدة العنف في العراق بدلا من تخفيضها. وكانت استطلاعات سابقة قامت بها مؤسسة «الرأي العام العالمي» قد أظهرت أنه رغم أن نصف الشعب العراقي يدعم الهجمات على القوات الأميركية، لا يوافق سوى 1في المئة منهم على الهجمات على المدنيين عبر الخطوط الطائفية.

يختلف الطرح السائد هنا في الولايات المتحدة، فهو يذهب إلى ما يلي: «رغم أن البعض منا يعتقد أنه ما كان علينا الذهاب إلى الحرب من البداية، يعتقد الكثيرون الآنَ أن على الولايات المتحدة مسئولية لمنع العنف الطائفي، الذي نعتقد أنه يهدد بتقطيع أوصال الدولة. ويعتقد الزعماء الأميركيون عبر الطيف السياسي أنه يتوجب على الولايات المتحدة أن تبقى في العراق إلى حين تحسّن الوضع الأمني. ويوافق الشعب الأميركي بشكل عام على أنّ ديمقراطية نشطة في العراق تشكل نقطة مركزية لمصالح الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب».

ويرى العديد من الأميركيين، ضمن هذا الطرح، خيارين اثنين: وجود عسكري أميركي طويل الأمد، أو انسحاب أميركي يؤدي إلى حرب طائفية. إلا أنّ هناك خيارا ثالثا لمشاركة أميركية مسئولة في العراق.

لقد حذر الجنرال بتريوس منذ أكثر من سنة من أنه «لا يُوجد حل عسكري في العراق. الحل سياسي واقتصادي». إذا كان الوجود الأميركي يشعل حقا نار العنف بدلا من إطفائها، فقد حان الوقت للتقدم خطوة أخرى: سحب القوات الأميركية ودعم قوات حفظ سلام دولية، والمبادرة بدبلوماسية إقليمية نشطة والاستثمار في إعادة الإعمار والمعونة الإنسانية لحوالي خمسة ملايين نازح عراقي. تستجيب خطة كهذه بدقة أكبر للرغبات الديمقراطية الحقّة للشعب العراقي.

لقد حان الوقت؛ لأنْ يُشارك الأميركيون العراقيين بشكل مباشر أكثر في حوار لبناء جسر بين هاتين القصتين المختلفتين جدا. يتوجب على حواراتنا السياسية حول «ما نفعل بالعراق» أنْ تضم المجتمع المدني العراقي والزعماء الحكوميين أو الدينيين، وأن تنظر بجدية إلى بيانات الاستطلاعات والانتخابات العراقية التي تشكّل مؤشرات عن رغبة العراقيين بإخراج القوّات الأميركية من بلدهم.

* أستاذة بجامعة ايسترن للمينونايت، عملت في العراق مع منظمات بناء سلام محلية. والمقال ينشر بالاتفاق مع خدمة «كومن غراوند» الإخبارية.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2047 - الأحد 13 أبريل 2008م الموافق 06 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً