العدد 2046 - السبت 12 أبريل 2008م الموافق 05 ربيع الثاني 1429هـ

الدول النامية والناتج الإجمالي العالمي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

جاء في آخر تقرير للبنك الدولي عن الناتج الدولي العالمي أنه قد بلغ في العام 2006 إلى ما يربو على 59 تريليون دولار. وأنه قد صلت نسبة مساهمة الدول النامية فيه إلى حوالى 41 في المئة منه، لتزيد مساهمتها بنحو خمسة في المئة عن العام 2000.

وأضاف تقرير «مؤشرات التنمية الدولية» لعام 2008 أن «الصين تصنف الآن على أنها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأن خمسة من بين أكبر 12 اقتصادا في العالم هي من الاقتصادات النامية» وأظهر التقرير أن النمو القوي الذي أظهرته الدول النامية، ما عدا دول أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، أدى إلى زيادة حصتها في الناتج العالمي، في حين تراجعت مساهمة الاقتصادات ذات الدخل العالي بنحو 5 في المئة.

وفي تقريره الجديد للعام 2008 قدم البنك الدولي مؤشرا جديدا سماه « (معادل القوة الشرائية) Purchasing power parity»» والذي يستخدم لتحويل العملات المحلية إلى عملة مشتركة هي الدولار، آخذا في الاعتبار فرق الأسعار بين الدول، على عينة كبيرة من السلع والخدمات.

وأشار البنك إلى أن «حساب معادل القوة الشرائية» يسمح بالمزيد من المقارنات الدقيقة بين أحجام الأسواق، وبنية الاقتصادات، وما يمكن أن تشتريه النقود، وبذلك تستبدل الطريقة القديمة للمقارنة والتي وضعت بين عامي 1980 و 1993.

ولعل ما جاء في تقرير البنك الدولي هو تعبير حقيقي عن أداء الإقتصادات المحلية، إذ تشير البيانات إلى تراجع حصة الناتج المحلي الإجمالي الأميركي من‏31,1 في المئة‏ من الناتج العالمي في العام ‏2000، إلى 27,4 في المئة‏ من الناتج العالمي في العام ‏2006.‏ ترافق ذلك مع تراجع معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي الأميركي من‏3,6 في المئة‏ في العام ‏2004،‏ إلى‏3,1 في المئة‏ في العام ‏2005، ثم إلى ‏2,9 في المئة‏ في العام ‏2006، ليصل‏ إلى‏ 1,9 في المئة‏ في العام‏2007. وبالمقابل بلغ المعدل في الاتحاد الأوروبي‏3 في المئة‏ في العام‏2007. أما الصين فقد ارتفع المعدل فيها من‏10,1 في المئة‏ في العام ‏2004، ‏ إلى ‏10,4 في المئة‏ في العام ‏2005، ليبلغ ‏11,1 في المئة‏ في العام ‏2006، ثم يقفز ‏ إلى 11,1 في المئة‏ في العام ‏2007.

وكنسبة مئوية، بلغت حصة الدول العربية من الناتج العالمي 3,8 في المئة‏ ما منحها مرتبة تلي الولايات المتحدة والصين واليابان وتوازي ألمانيا والهند، لكنها تتقدم على دول صناعية كبرى مثل فرنسا وإيطاليا وكندا إضافة إلى إسبانيا التي بلغت حصتها 2,15 في المئة‏.

ما ينبغي دحضه هنا هو المسلمة التي يحلو للبعض ترويجها ومفادها «أن الدول المتقدمة ومنذ الأزل كانت هي الأكثر إسهاما في ذلك الناتج العالمي، وأنها المالكة الطبيعية لحصة الأسد منه». الكاتب الإقتصادي اللبناني غالب أبومصلح يكشف ما هو خلاف ذلك في مقالة عنونها «من التوسع الاستعماري إلى الامبريالية الجديدة». وجا فيها: «قبل القرن الثامن عشر كان مستوى انتاج الدول التي تسمى اليوم متخلفة، أعلى منه في أوروبا. ففي القرن التاسع عشر وحتى سنة 1820 كانت الدول المسماة متخلفة أو نامية، تنتج 80 في المئة من الناتج العالمي. ولكن انتاجيتها انخفضت إلى 40 في المئة‏ من الناتج العالمي عند بداية القرن العشرين، وذلك حسب تقديرات المؤرخ الاقتصادي Angus Maddison. ولم يكن هذا الانقلاب السريع في الانتاجية نتيجة نمو القدرات التنافسية الغربية، والتي ولدتها الثورة الصناعية فقط، بل بشكل أساسي نتيجة القهر الاستعماري والسياسات الظالمة، وتحطيم القدرات الانتاجية لتلك الدول بشتى الوسائل. يقول ماكدوف: «إن أنماط التجارة ما قبل الرأسمالية حول العالم لم تحطمها قوى السوق التي لا تقهر، بل القوى العسكرية المتفوقة، التي أرست أسس تغيير أنماط التجارة التقليدية، وحولتها إلى سوق عالمية متمحورة حول حاجات ومصالح القوى الغربية».

يعزز من صحة وصلابة هذه المقولة كبير الاقتصاديين في البنك الدولي ونائب الرئيس لشئون الدول النامية، ألان غيلب حين يؤكد قائلا «نحن نعيش في عالم تعتمد الأسواق فيه على بعضها، سواء كانت أسواق السلع أو الخدمات أو المال أو العمل أو حتى الأفكار.. وعندما نقيس الاقتصادات على أساس مقارنة عالمي، نرى نفوذا واضحا للدول النامية».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2046 - السبت 12 أبريل 2008م الموافق 05 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً