العدد 2046 - السبت 12 أبريل 2008م الموافق 05 ربيع الثاني 1429هـ

الصناديق الخيرية ووزارة التنمية الاجتماعية والدور المطلوب

حسين مدن comments [at] alwasatnews.com

ناشط اجتماعي ورئيس صندوق جرداب الخيري السابق

وزارة التنمية الاجتماعية لها دور يجب أنْ تلعبه بجدية وباحتراف في دعم مؤسسات المجتمع ومساعدتها على تحقيق أهدافها وتنفيذ رؤيتها باقتدار. فهل نجحت أو ستنجح في ذلك؟ لنبدأ بعرض بعض الأرقام الأولية.

يقول 72في المئة من رؤساء الصناديق الخيرية في البحرين بأنهم لا يحصلون على التعاون المطلوب من وزارة التنمية الاجتماعية على الرغم من أن دورها الرئيسي هو دعم المجتمع . 26 في المئة يذكرون بأنّ دورها جيّد و2في المئة فقط جيّد جدا، وصفرفي المئة ممتاز.

جاء ذلك في آخر استبانة عن الصناديق الخيرية الثمانين نشرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من قبل صندوق جرداب الخيري، وتم تقديمه لمؤسسات المجتمع الخيرية في مؤتمر التنمية الاجتماعية الذي نظمه صندوق سار ورعته الوزارة نفسها.

فإذا كانت هذه المؤسسات الخيرية والتي هي جزء من المنظمات الأهلية التي تقع مسئولية تنظيم عملها تحت مظلة الوزارة مباشرة، غير راضية عن دور الوزارة فما هو السبب يا ترى؟

سأستعين بالإضافة إلى الاستبانة، ببعض الأمثلة وسأعتبرها أدلّة على الحاجة للتغيير.

بدأت القصة عندما قامت الوزارة بمخاطبة الصناديق في 24 مارس/آذار 2006 أي بعد 13 عاما من بداية تكوين هذه الصناديق مطالبة إيّاها بتعديل أوضاعها ومؤكدة بأن النظام الأساسي للصناديق لا يصلح لها من الناحية القانونية، فهو مبنيّ على أنها مؤسسات خاصة وهي ليست كذلك حيث أن بعض مواد النظام الأساسي ومن أهمها انتخابات مجالس الأمناء وجمع التبرعات وإنشاء الاتحاد النوعي لا يمكن أن تنطبق عليها.

انصبت المساعى جميعها فيما بعد كحل معقول على فكرة «توفيق أوضاع الصناديق» كما قامت بذلك وزارة العدل بشأن الجمعيات السياسية، بدلا من طلب الوزارة الأصلي وهو حل هذه الصناديق وتصفية أموالها تحقيقا لمطلب الشئون القانونية بالوزارة وفي وزارة شئون مجلس الوزراء. ولكن هذه المساعى التي أخذت من وقت وجهد الصناديق الكثير وكذلك الوزارة لم تفلح حتى الآنَ على الرغم من مرور سنتين كاملتين، حتى بعد أنْ انصاعت الوزارة لضغوط الصناديق وذلك بتعديل قانون 21 ليتلافى مشكلة حل الصناديق وتصفية أموالها. وتعديل هذا القانون وافق عليه مجلس الوزراء ولا يزال معروضا أمام البرلمان لم يبت فيه حتى الآنَ.

وفي هذه الفترة الانتقالية بالذات، جاءت الوزارة بمسودّة مشروع قانون المنظمات والمؤسسات الأهلية غير الهادفة للربح مثل: الصناديق والجمعيات الخيرية. لم يكن هذا القانون المقترح أفضل من سابقه بل أضاف متاعب جديدة عديدة، وتكالبت الجمعيات الأهلية على رفضه بسبب عدم دعوة المهتمين لدراسته والتشاور حوله بداية، ومن ثم لحقته تعديلات ضرورية ومهمّة لم نسمع عن قبولها أو رفضها من قبل الوزارة حتى الآنَ.

في آخر تعليق غير رسمي للوزارة بعد أنْ عقدت جلسات مؤتمر الحوار الوطنى مؤخرا، بأن الصناديق هي مَنْ لا يطبّق مواد القانون والنظام الأساسي الذي أنشئت الصناديق على أساسه! وبالذات فيما يتعلّق بتوفير التقارير والبيانات المالية السنوية مباشرة للوزارة. فهل المطلوب الآنَ هو تطبيق قانون ونظام أساسي كلنا يعلم بأنه قد أكل الدهر عليه وشرب، وفي هذه الفترة بالذات، التي تؤكّد فيه الوزارة بأنه قد طبّق خطأ على الصناديق وفي هذه الفترة الانتقالية التي يجرى العمل فيها على تحويل الصناديق لجمعيات خيرية؟

أتذكر أني قمتُ شخصيا بالكتابة للوزارة في مارس 2005م ببعض الاقتراحات بشأن تطوير الصناديق والجمعيات، ومنها إعادة صياغة النظام الأساسي المعتمد من قبل الوزارة للصناديق الخيرية حيث أنه لا يصلح مطلقا للتطبيق؛ وتنظيم ندوات تثقيفية عامّة عن العمل التطوعي الخيري والاجتماعى لمجالس أمناء الصناديق وأعضاء اللجان العاملة؛ وتنظيم ورش تدريبية لأعضاء مجالس الأمناء عن التنظيم الإداري وأساليب إدارة المؤسسات والصناديق؛ وتنظيم ورش تدريبية عن طرق الاستثمار وتنمية الأموال وإدارة الشئون المالية للمؤسسات الخيرية؛ وتقديم كأس أو درع وزارة التنمية الاجتماعية سنويا لأفضل صندوق خيري؛ وتكريم سنوي لعدد من رجال الخير المتطوعين ضمن هذه المؤسسات؛ وتصنيف الصناديق الخيرية إلى درجات؛ وتنظيم اجتماع تشاوري سنوي يحضره رؤساء مجالس الأمناء كحلقة اتصال مع المسئولين بالوزارة لتدارس شئون الصناديق وتطوير العمل وإيصال مشاكلها وإقتراحاتها للوزارة وبالعكس. وأخيرا الإسراع في إشهار الاتحاد العام لصناديق البحرين الخيرية... المقترح منذ 3 سنوات مضت وللأسف لم يتحقق شيء منها.

لو أردنا أنْ نحلم بدور للوزارة فأيّ دور سيكون؟ من الناحية الإدارية النظرية هناك الدور أو «Style» الأتوقراطي «Autocratic»الذي تقوم فيه الوزارة بحل المشكلة وإدارتها بالطريقة التي تراها هي مناسبة بحسب المعلومات المتوافرة لديها من دون إشراك أحد في هذا الدور (خابت أو صابت). وفيه تكون الوزارة غارقة في البيروقراطية، إذ تكون هي المسيطرة تماما و»الكل في الكل»، وتتدخل في كلّ صغيرة وكبيرة.

هناك دور آخر وهو laissez-faire بالفرنسية أي «لا دور»، أو الابتعاد عن أخذ المبادرة في أي شيء وترك «الحبل على الغارب»، فتصم الوزارة أذنيها وتتجاهل عن كلّ ما يجرى صحيحا أو خطأ وتتنازل عن دورها المطلوب وهو ما يسمّى «Abdication». فقط الحساب يوم الحساب.

أمّا الدور الذي نأمله ونرجو الوزارة أنْ «تفعِله» بجدية فهو الـ Participative أي المشاركة، بأنْ ترفع نسبة مشاركة المؤسسات الخيرية في اتخاذ القرارات وتصميم السياسات التي تتعلق بها، وتضع الوزارة دائما الكرة في مرمى هذه المؤسسات والتعامل معها بشفافية أكبر وتستمع لآرائها ومشاكلها. باختصار أنْ «تأخذ وتعطي».

دور الوزارة ليس «مراقبة» هذه الصناديق والجمعيات و»التصيّد» عليها و»مضايقتها» ولكن الوقوف معها لدعمها ومساعدتها في تكوين سمعة طيبة لها عند مختلف الجهات، ولعب دور الوسيط المنحاز لصالحها والتأكّد من نجاح أعمالها؛ لتحقيق أهدافها، فذلك في نهاية المطاف نجاح للوزارة في تحقيق رؤيتها للمجتمع ومؤسساته. فأينَ نحن من ذلك الآنَ؟!

إقرأ أيضا لـ "حسين مدن"

العدد 2046 - السبت 12 أبريل 2008م الموافق 05 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً