عندما تستغل براءة الأطفال، والكل يقف مكانه ولا يتحرك للمساعدة، فهذا هو العار بعينه في مجتمع البحرين. وعندما نرى بعض أوكار مراكز التسلية التي تستهلك الطفل وتعوّده على عادات تسيئ إلى دينه ودنياه وعاقبة أمره، والكل يقف مكتوف الأيدي؛ فإننا نقف وقفة ذل خوفا من المشاكل.
آلمني في محافظة المحرق التي كانت وعهدت بتربية الرجال، على وجود مثل هذه الأوكار بين الأحياء الشعبية، وفي وجود العائلات المحافظة، وأشدّ من ذلك عندما وجدت مجموعة من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين الرابعة عشرة والثامنة عشرة، وهم يتحرشون بصبية في سن السادسة والسابعة من العمر، في أوكار باتت تسمّى بمراكز التسلية. أين التسلية المرجوّة وهذه الأوكار تحوي أخبث الخبثاء ومرتادي السجون؟ سؤال يُطرح على المسئولين في وزارة التجارة ووزارة الداخلية. كيف نبني الأجيال وهناك مَنْ يدمرها؟!
إذا خرجت في أحد فرجان المحافظة التي تبدأ من مدينة الحد وتنتهي بمدينة المحرق، وتلاحظ مراكز التسلّية، فانك تجد العجب العجاب! فهذا المراهق ذو الخامسة عشر ربيعا يتحرش بطفل السادسة ويضع على أنف الطفل محارم ورقية - يستعملها لشم الغراء- وذلك الشاب الذي يمسك بقنينة المياه المعدنية، ويشمّها من حين إلى حين، والله أعلم ما تحتويه من مواد مخدرة. وفيما أنت مار في طريقك، تشم رائحة غريبة، وحينما تسأل المختصين من رواد السجون يقولون: هذه حشيشة لتعديل المزاج، وعندما تجد أنّ هذه الأوكار لا تغلق بابها إلاّ قرب أذان الفجر، فإنك أيها المواطن ترفع يدك وتسأل العلي العظيم أنْ يحفظ أبناءك ويستر عوراتك، وتدعو على المسئول الذي منح هذا الوكر حق انتهاك براءة الأطفال، والإساءة إلى الأحياء (الفرجان) في المحافظة، حيث نجد ضياع شباب الوطن وتخريب الجيل القادم فيها.
يا وزارة الداخلية، أين المحافظة على النظام العام والآداب العامّة وحماية أمن المجتمع من هذه الأوكار؟ أين الدوريات التي تجوب الأحياء والفرجان عن هذا الانتهاك الصارخ لحرمة الأسر والعائلات؟ أين سد الثغرات القانونية فيما يتعلّق بشم الغراء؟ أين هي شرطة المجتمع؟ أين قانون حماية الطفل من هذه التحرشات والانتهاكات؟ ويا وزارة التجارة تمنحين هذه الأوكار تراخيص لهذه المحلات من دون أن تكون تلك الأماكن مناسبة؟
وأنا في هذا المقال أطرح تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تجربة رائدة وممتازة في القضاء على مثل هذه الأوكار، وذلك بتعاون وزارتي الداخلية والتجارة، وتفعيل القرارات الخاصة بفتح مراكز للتسلية، وليس الصناديق الصغيرة التي يكتظ فيها عشرون طفلا ومراهقا وبالغا بلا رقيب ولا حسيب. نحن نقضي على الأجيال القادمة بمثل هذه الأوكار التي تكون للمتاجرة بالأطفال أو التحرش بهم، أو استغلال براءتهم وتعويدهم على أمور كانوا عنها غافلين.
لقد قامت قيامة النواب في ربيع الثقافة البريء من أفكارهم المظلمة، ولكن لم تقم قيامة النواب على هذا النوع من الأوكار على الرغم من كونهم يمرون عليها في ذهابهم وإيابهم إلى المجلس؛ فأوكار التدنيس أعمق باحتضانها في مجلس النواب من ربيع الثقافة الذي درّ على البحرين الكثير من الخيرات القيمية والمادية (وبدون الضرر بأحد؛ أو استغلال الأطفال الذين لا حولَ لهم ولا قوة).
نريد تفعيلا حقيقيا لما تناضل من أجله وزارة الداخلية ألا وهو “الشراكة المجتمعية”؛ حيث إنه من غير المعقول أنْ يظل هذا المشروع الرائد حبرا على ورق، بل نتمنى أن يتم تفعيله للقضاء على أوكار مراكز التسلية، والذي يبدأ بإخراجها من الأحياء الشعبية المكتظة ببيوت الأسر والعائلات.
كما نناشد وزارة العدل في توجيه الائمّة إلى تحذير الآباء من مغبّة الاستهانة بمخاطر أوكار التدنيس، والحرص على أبنائهم، وعدم جعلهم فريسة سهلة في أيدي البائسين. ونرجو من الجهات المعنية في كلّ محافظة أن تتوجه بوضع آليات تحول دون وقوع هؤلاء الأطفال في أيدي أي وكر يُحاول تخريبهم والقضاء على مستقبلهم.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2046 - السبت 12 أبريل 2008م الموافق 05 ربيع الثاني 1429هـ