العدد 2045 - الجمعة 11 أبريل 2008م الموافق 04 ربيع الثاني 1429هـ

والله عيب

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

في غمرة انشغالاتنا في الملفات والقضايا السياسية ننسى أحيانا أن هناك قطاعات مهمة وحساسة، وتعاني هي الأخرى من قضايا مؤرقة، لأنها تلامس واقعهم المعيشي، وتؤثر به وتتأثر به لدرجة كبيرة.

تناولت في مقالات سابقة قطاع النقل العام، واستعرضت بعض قضاياهم، وظننت أنني لم أقصر اتجاههم معتقدة بأن أوضاعهم أحسن حالا من أوضاع قطاعات أخرى، ولكنني أتفاجأ عندما أجد تطورات وقفزات غريبة يفترض أن تكون إيجابية لكون هناك حراك متحرك يلم القطاع، ولكن الأصل أن الأوضاع تتجه من سسيئ إلى أسوأ، فنضطر حينها أن نردد الجملة: والله عيب.

عيبٌ لكل خطوة ولكل تحرك يعاكس التوجهات العامة، ويصر دوما أن يضرب من تحت الحزام، خصوصا إذا كانت الضربات هذه المرة مسددة إلى فئة ضعيفة، لا حول لها ولا قوة، ويقدر عددها بـ 1600 أسرة لـ 1600 سائق، يصارعون من أجل البقاء، وضمان الحياة الكريمة في ظل وجود رهانات محسوبة البقاء للأقوى، وأصحاب النفوذ لم يبقوا شيئا لأصحاب الحاجة.

يقول رئيس جمعية وسائل النقل العام عيسى خاتم، عندما شرع مجلس التنمية الإقتصادية بعض القوانين والأنظمة بلغ عددها (14 بندا) ووضعتهم في كتاب وتم توزيعها على سواق النقل العام، تم الاعتراض على بعض القرارات السلبية، وأوصلوا اعتراضاتهم إلى جهات رسمية عدة من بينها المجلس النيابي، وفعلا تفاعل المجلس معها من خلال سؤال للنائب الوفاقي السيد جميل كاظم حينما وجه سؤالا إلى وزير الداخلية يتضمن كيفية تطوير قطاع النقل العام.

وكان تعاطي الوزير إيجابيا مع قضية سواق النقل العام، اذ جلس معهم واستمع لآرائهم وناقشهم في القرارات الصادرة، ووجه بدوره إدارة المرور ومجلس التنمية الاقتصادية إلى ضرورة الجلوس معهم والاستماع إليهم، وتم الاتفاق على توقيف القرارات حتى الانتهاء من مناقشتها.

لا يزال الكلام على لسان الخاتم بعد الانتهاء من سلسلة اللقاءات تم الوصول إلى منطقة مغلقة بالكامل لأن القرارات التي جاء بها مجلس التنمية الاقتصادية محسومة من قبل مجلس الوزراء.

عندما نضع أيدينا على البند رقم 11 من الأنظمة والقوانين، والتي تضمن إنشاء الشركات حتى نهاية العام الجاري 2008، طالبت الجمعية بتعديل القانون حيث طالبت الجمعية بتمديد المدة، ولكن الجمعية لم تنجح في مسعاها، وعرض عليهم في حال وجود الرغبة لديهم في إنشاء شركة خاصة لوسائل النقل العام فإن مجلس التنمية الاقتصادية سيساعدهم كثيرا في ذلك وفي حال عجزت الجمعية من إنشاء الشركة في الفترة المحددة فإن الحكومة ستتولي إنشاء شركة لسيارات الأجرة. وفعلا أخذت إدارة الجمعية في الأشهر القليلة الماضية زمام المبادرة من خلال جمع الملفات ودراسة المشروع حيث بادرت إلى تعيين محام لها للاسراع في العملية، كما تم التوجه إلى مجموعة من المسئولين والتجار بغرض الحصول على الضمانات والأموال اللازمة للتمويل.

هذا طبعا حصل عندما جاء الضوء الأخضر من قبل مجلس التنمية الاقتصادية، وعندما تلاقحت الإرادات فهناك رغبة من كلا الطرفين وهناك حماس أكبر من سواق النقل العام لتأسيس شركتهم؟ الغريب في الموضوع أنه وفي غمرة انشغال الجمعية بالإجراءات، يبدو أن أخبارا قد تسربت هنا وهناك إلى المجلس، وحاول بدوره قطع الطريق على الجمعية وغلق الأبواب أمامها، فصار أن تأسست الشركة قبل إنتهاء المدة من قبل مجلس التنمية الاقتصادية وأموال القاصرين وبنك التنمية. هذا طبعا يؤكد عدم جدية الجهات الرسمية في دعواها، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي دعاها لعرض الموضوع من الاساس إذا كانت ستضطر لتغيير رأيها؟ أليس من الأجدى أن تتهرب من الموضوع بدلا من مخالفة الوعود؟

عندما علمت الجمعية بالخبر من خلال الصحافة المحلية شعر أعضاؤها حينها بالخيانة وبالظلم والتقييد، شعروا بالخيانة لأن الموضوع عرض عليهم وأبدوا رغبتهم وإيجابيتهم وأثناء ذلك تشكلت الشركة على غفلة منهم، وعبّروا عن ظلمهم لأنهم كانوا أحق بتشكيل الشركة من غيرهم، كيف لا وهم القطاع الأهم في الموضوع؟ كما أنهم كانوا مهتمين بالموضوع ذاته، وقطعوا شوطا كبيرا فيه، وشعروا بالتقييد لكونهم من بعد اليوم هناك جهات عدة تحاسبهم.

الشعور العام حينها بأن حقوقهم وأهدافهم قد ضاعت رغم أن هناك توصيات عدة من قبل عدة أطراف لعل أبرزها - بحسب وجهة نظرهم - موقف رئيس مجلس الشورى الذي أكد على ضرورة أن لا يتضرر هذا القطاع من عملية التطوير.

باختصار شديد وبلا رتوش، سوّاق النقل العام هم أحق بتأسيس الشركة من غيرهم، حيث بذلوا جهودهم في خدمة الوطن، كان من الأولى أن يساهموا في تأسيس شركتهم بشكل أو بآخر. لا أن يظلوا صفرا على الشمال عند التأسيس ويتم تجاهلهم. والله عيب هذا التجاهل والنكران غير المبرر، والله عيب عدم الوضوح والغموض في التعامل.

في وسط الضجيج لا نريد أن نقف مع جهة قبالة جهة أخرى. نريد الخير للقطاع فإذا كان مع سواق النقل العام الحق ينبغي أن نقف معهم لنصرة قضيتهم، وإن كان الخير في أن تتولى الجهات الرسمية إدارة القطاع بالطريقة التي تراها مناسبة لصالح القطاع سنقف أيضا معها ونعزّز خطواتها، ولكن من حقنا أن نحلم أن يكون لدينا وضع مرتب ضمن أجندة هذا القطاع كالذي يتواجد في دولة الامارات على سبيل المثال، فهل لنا أن نعيشه؟ أم نعيش على إيقاعات الحرج المتوالي ونضطر أن نكرر بعدها والله عيب.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2045 - الجمعة 11 أبريل 2008م الموافق 04 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً