أعلن موقعا «ياهو» و«غوغل»، وهما أكبر محركي بحث على شبكة الانترنت، تجربة لمدة أسبوعين يتشاركان خلالها في إعلانات الانترنت. وخلال هذه الفترة سيتمكن غوغل من وضع إعلانات إلى جوار 3 في المئة من نتائج البحث على موقع ياهو. وكانت ردة الفعل المباشرة على هذه الخطوة هو أنها تستهدف شركة «مايكروسوفت» التي عرضت 44,6 مليار دولار لشراء ياهو، وهو الأمر الذي رفضه الموقع الذي طلب ثمنا أكبر، ووصل الأمر بمايكروسوفت أن تبادر بالرد على لسان، المسئول في مايكروسوفت، براد سميث، إذ قال: «إن أي اتفاق من هذا النوع سيؤدي إلى سيطرة (غوغل) على 90 في المئة من سوق الاعلانات على الانترنت». وكان رد فعل المستثمرين إيجابيا على هذا الاعلان إذ ارتفع سعر سهم «ياهو» 7 في المئة.
خطوة الوئام هذه ينبغي أن لا تنسينا حرب البريد الالكتروني التي استعرت بين «ياهو» و«غوغل» في العام 2006، عندما قررت الأولى زيادة سعة بريدها الالكتروني بمقدار 100 ميغابايت في محاولة منها لمنع مستخدميها من التحول لاستخدام بريد «غوغل» الذي وعد بمنح مستخدميه بريدا الكترونيا مجانيا بسعة 1 غيغا بايت.
وقبل ذلك كانت المنافسة بين الشركتين حول سوق الإعلانات على الإنترنت، في أعقاب نجاح «ياهو» فى الاتفاق لشراء شركة «بلو ليثيام» خامس أكبر الشركات العاملة في مجال الإعلان على الإنترنت في الولايات المتحدة مقابل 300 مليون دولار. وتقدم الشركة خدماتها الإعلانية لنحو 145 مليون زائر شهريا، وذلك من خلال 135 موظفا لديها يعملون من خلال عشرة فروع لها في الولايات المتحدة وأوروبا.
هناك الكثير من الدروس التي يمكن أن يستقيها اللاعبون في سوق تقنية المعلومات العربية من هذه الخطوة الجريئة.
أول هذه الدروس أن الإقتصاد الرقمي يسمح، أكثر من غيره، بإمكانية التعاون في مجال محدد بين المتنافسين، بغض النظر عن درجة حدة التنافس بينهما، الأمر الذي لايعني إزالة بؤر التنافس لكن من دون تغليبها على نقاط التلاقي الممكنة، وخصوصا عندما تكون تلك النقاط المشتركة لفترة قصيرة محددة، كما هو الحال هنا، إذ حددت فترة التجربة بثلاثة أسابيع، وفي نطاق معين والذي هو 3 في المئة من مساحة نتائج البحث.
ثاني تلك الدروس هو تغليب الحاجة لمواجهة منافس قوي مشترك يصعب على أي من الحليفين مواجهته على نحو منفرد. والمنافس المشترك هو شركة «مايكروسوفت» العملاقة، التي تضع «غوغل» على رأس قائمة المنافسين لها، وتحاول ان تبتلع «ياهو» على طبق من ذهب.
وقد اعترف البعض مثل المحلل جيم فريدلاند من «كوين آند كو» أن هذا تحركا ذكيا من «ياهو». ولكنه استطرد «غير أن كل أوراق اللعب في يد (مايكروسوفت) فمسئولو (ياهو) يريدونها أن تدفع أكثر». وكان المدير التنفيذي لمايكروسوفت ستيف بالمر قد حذر ياهو من أن أمامها 3 اسابيع للموافقة على عرض الشركة أو يواجه خطر تخفيض العرض. ويتوقع البعض ألا تلوذ «مايكروسوفت» بالصمت إزاء هذه الخطوة، التي ستجعلها في مواجهة عملاق جديد في سوق تقنيات المعلومات العالمية.
أما ثالث تلك الدروس فهو أن الإقتصاد الرقمي بحاجة إلى خطوات جريئة، لكن ذات مخاطر محدودة، تكون أيضا بمثابة بالونات تجارب لقياس رد فعل السوق، من نمط تلك التي أقدمت عليها «ياهو» و«غوغل». فبدلا من تحمل شركة عواقب الخطوات المغامرة، يتشارك أكثر من طرف يتحملون جميعا تبعات تلك الخطوة.
الأمر الذي كشفت عنه هذه الخطوة أيضا، أنه بخلاف ما يعتقد البعض، فإن أيا من محركي البحث لا يحتل موقع الصدارة بشكل مطلق، ففي استفتاء قامت به بعض مؤسسات التقويم، جاءت إجابات المشاركين في الإستفتاء متباينة، فبينما رأى البعض منهم أن «غوغل» تسبق «ياهو» في سرعة عرض نتائج البحث، رأى البعض الآخر أن «ياهو» تتفوق على «غوغل» في المنتوجات وفي عرض نتائج البحث ذاتها. وفي العام 2006 أوضحت جامعة ميتشيغن الأميركية من خلال «مؤشر رضاء الزبون الأميركي» الذي تجريه سنويا أن نسبة ارتياح زبائن «ياهو» للخدمات التي تقدمها ارتفعت خلال العام 2005 بمعدل 9,3 في المئة لتصل إلى 79 نقطة، فيما شهد موقع «غوغل» الذي يعتبر أكبر محرك بحث في العالم انخفاضا بلغ 7,3 في المئة ليهبط إلى 78 نقطة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2044 - الخميس 10 أبريل 2008م الموافق 03 ربيع الثاني 1429هـ