ما الذي يجب أن نفعله بالنسبة لمبادرة السلام العربية التي بدأت تفتر للحيلولة دون أن تصبح ذكرى أخرى في غياهب النزاع العربي الإسرائيلي الذي لا ينتهي؟
تمثل المبادرة أهم وضع اتخذته الدول العربية بشكل جماعي، ويجب أن تبقى القاعدة الصخرية التي يجب إرساء قواعد عملية السلام عليها إلى أن يتسنى تحقيق سلام عربي إسرائيلي شامل. لن تؤدي المفاوضات الراهنة بين «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية إلى أية نتيجة، وسيستمر النزاع الدموي مع «حماس» ما لم تشارك العزيمة العربية الجماعية، وخصوصا السورية، بشكل إيجابي في العملية. لقد فشلت جميع المخططات السابقة، بما فيها خريطة الطريق لأنها استثنت سورية من العملية. وليس هذا الوقت لفرض إنذار على «إسرائيل» لقبول المبادرة أو مواجهة النتائج، بحسب بعض القادة العرب. فالجانبان فشلا بالقيام بما يكفي وكلاهما ملامان على عدم التقدم.
وعلى رغم أن «إسرائيل» تملك بعض التحفظات فيما يتعلّق بالمبادرة فإنه يتوجب عليها أن تتبناها علنا حتى يمكنها تحقيق السلام وتبادل الأراضي التي احتلّتها في حرب 1967 والمشاركة في البحث عن حل إنساني لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين والسعي لتحقيق حل مقبول من الطرفين لمستقبل القدس. ويجب ألا يمنع اتخاذ هذا الموقف «إسرائيل» من بسط متطلباتها الأربعة من أجل السلام بوضوح، من ضمان أمنها الوطني وسلامة ووحدة أراضيها؛ وإدامة هويتها اليهودية؛ واعتبار القدس عاصمة لها، مع علاقات طبيعية مع كل العالم العربي.
على الإسرائيليين أن يفهموا أن طرح العرب هذه المبادرة يشكل قفزة ضخمة إلى الأمام، وهم مندهشون لعدم استغلال «إسرائيل» هذه الفرصة التاريخية لضمان السلام، فالمبادرة تقدم لها السلام والأمن والقبول في العالم العربي. فهل يستطيع الزعماء الإسرائيليون تصور المعاني الضمنية لرفع العلم الإسرائيلي في 22 عاصمة عربية؟ هل يستطيعون تصور التحول الذي سيكتسح المنطقة بأكملها؟
وعلى رغم أن المبادرة تشكل وثيقة آنيّة، لا تستطيع الدول العربية الانتظار ببساطة حتى تتصرف «إسرائيل»، إذ عليهم أن يوضحوا وأن يفتحوا حوارات مع «إسرائيل»، ليثبتوا لجماهيرهم وللإسرائيليين أنهم اتخذوا خيارا استراتيجيا نحو السلام، وهو ما يرغب الجمهور الإسرائيلي برؤيته.
تخيل الأثر والوقع على الإسرائيليين لو سافر عاهل المملكة العربية السعودية الملك عبدالله إلى القدس للصلاة في ثالث أقدس موقع ديني إسلامي، وقام أثناء زيارته بمخاطبة البرلمان الإسرائيلي عن فوائد المبادرة وحسناتها. تخيل التحول الدرامي في الرأي العام الإسرائيلي إذا شاهد الجمهور المسئولين العرب، باستثناء الأردنيين والمصريين (الذين عينتهم جامعة الدول العربية لمتابعة المبادرة مع «إسرائيل»)، يجتمعون مع نظرائهم الإسرائيليين داخل «إسرائيل» أو خارجها. تخيل نتائج هذه المواجهات على المتطرفين العرب الذين يسعون إلى دمار «إسرائيل» وهم يواجهون العزيمة العربية الجماعية.
* أستاذ في العلاقات الدولية بمركز الشئون الدولية بجامعة نيويورك، والمقال ينشر بالاتفاق مع خدمة كومن غراوند الإخبارية.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2044 - الخميس 10 أبريل 2008م الموافق 03 ربيع الثاني 1429هـ