الليل يعتصرُ الجراح...
والعابرون سريرهُ... لا يعرفون سوى الخواء...
ولهاثُ مكتدحٍ يؤوبُ مع المساء...
متوشح العرق الصبيب... على الجبين
متأبطا كسرأ من الخبز الملونِ بالشحوب... وبالجياع...
أطفالهُ... من غيرِ ما مللٍ... يترقبون... أن تطرقَ البابَ العتيق...
يداه... يتسابقون لفتحهِ... يتراقصون... يتحلقون ليحتسوا فرح اللقاء...
الفقرُ دقّ عظامهم... والجوعُ ملّ من الرغيف المستدق المستدير...
وبطونهم تخِمتْ بما تركَ الذئابُ من الفتات...
فليتهم تركوا الفتات...
(2)
الليلُ يعتصر الجراح... والكادحون الواقفون على شفير لحودهم...
يستعجلون لموتهم حفار أقبية الجياع...
يتهامسونَ بملء ما رجفت على خوفٍ شفاه...
يا ربَّ أيوبَ المعذب أحيِنا... هذا بلاؤك... فليكن منكَ النشور...
(3)
المتعبونَ توطنوا مدنَ اليباس...
والآكلونَ لحومهم - هم وحدهم - لا يشبعون...
سرقوا من الأحداق ما ترك العذابُ من الدموع...
سرقوا البكاء...
سرقوا ابتسامات الصغار... ونشوةَ العيدِ السعيد...
(4)
الليل سيّج عتمته الجناة... فلا فرار... ولا إياب...
ولا صلاة... ولا دعاء...
فالجوع ينهش ما تبقى من ضمير...
قابيل عاد... يجتثّ من كل الوسائد ما تبقى من سراب...
والبدء كان هو الختام...
و»الروبنيون» الكبار المكرمون لحائهم والمشرقاتُ جباههم... والزاهدون...
سيُرجعون ما سرق الكبارُ من الصغار...
وما أكلوا...
من لحم مكتدحٍ فقير...
يتأدمُ الحرمانُ منهُ... يعبُّ من دمهِ المباح فينتشي بوشالة العرق الصديء...
( 5 )
الليل يحتلبُ السكارى...
إبليسُ قرر أن يتوب...
والعابرون جسوره... وصلوا لحانتهم سراعا...
عبروا البحار كسندباد... ليمتطوا المجد المكلل بالبطولة...
والغانياتُ الصامداتُ على الثغور...
الفاتحات حصونَ مملكة الغيارى...
المنسِياتُ هزائمَ العهد القديم... والنكبة الكبرى...
وبما يلف رؤسهن من الورود...
العدد 2043 - الأربعاء 09 أبريل 2008م الموافق 02 ربيع الثاني 1429هـ