قبل أيام وجهت شركة مايكروسوفت، عملاق برامج الكمبيوتر، خطابا الى مجلس ادارة شركة ياهو تمهله فيه ثلاثة اسابيع لقبول عرض شراء ياهو بمبلغ 41 مليار دولار. وقال المدير التنفيذي لشركة ميكروسوفت ستيف بالمر في خطابه الى شركة ياهو يوم إنه «لو لم يتلق عرضا على طلب شراء الاخيرة حتى يوم 26 أبريل/ نيسان 2008، فسيتوجه بالعرض الى حملة الاسهم مباشرة، وسيطلب منهم انتخاب مجلس ادارة جديد».
وكانت شركة مايكروسوفت اعلنت عرضها لشراء ياهو في مطلع فبراير/ شباط 2008 بمبلغ 55.6 مليار دولار، وهو مبلغ يمثل زيادة قدرها 62 في المئة عن قيمة اسهم شركة ياهو في السوق. إلا أن قيمة العرض حاليا هي 41 مليار دولار وذلك بحسب اسعار اسهم ياهو في البورصات في آخر ايام التداول.
من الطبيعي أن يتساءل الكثير عن دوافع إصرار مايكروسوفت على بعث ملف شراء ياهو على رغم سوء الأوضاع التي تحيط بالسوق الأميركية التي تعاني من كساد مصحوب بركود تعزز من سلبياته معدلات تضخم عالية ترافقها أزمة عقار يصعب التكهن بما سؤول إليه. وكما جاء في عرض بالمر، لم تكن تلك الأوضاع غائبة عن باله وهو يصر على تجديد عرض شراء ياهو. لكن يبدو أن لدى مايكروسوفت حساباتها الخاصة بسوق تقنيات المعلومات عموما، والإنترنت خصوصا، الأمر الذي يفسر هذا الإصرار.
فقبل سنتين، وهو التاريخ الذي يسجل بداية بروز نوايا مايكروسوفت لشراء ياهو، كشف إستطلاع نقله موقع سي إن إن (CNN)، أجري في الولايات المتحدة أن «المتسوقين في فترة أعياد الميلاد والسنة الميلادية (في العام 2005) أنفقوا قرابة 25 مليار دولار من خلال الانترنت في الأسبوع الذي انتهى في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2005. وبحسب الاستطلاع، الذي شمل ألف شخص من البالغين، تصدرت الأجهزة الالكترونية والملابس قائمة مشتريات الأميركيين».
لكن ليست السوق الأميركية (العليلة) هي ما يرصده بالمر. ومن الطبيعي ألا تقف رؤيته عند حدود الولايات المتحدة أو الأسواق المتقدمة فحسب، بل هو دائم التطلع نحو الأسواق الناشئة مثل الصين. فقد نقلت وكالة أنباء «رويترز» ما مفاده «أن الصين تخطت الولايات المتحدة لتصبح أكبر سوق على الانترنت في العالم من حيث عدد المستخدمين. واعتمدت تقديرات مؤسسة (بي. دي. ايه) ومقرها بكين على بيانات من مركز معلومات شبكة الانترنت بالصين التي أشارت إلى أن إجمالي عدد مستخدمي الانترنت في البلاد بلغ 210 ملايين مستخدم بحلول نهاية العام 2007» .
وأضافت (بي. دي. ايه) أنها تتوقع أن تصبح التجارة الالكترونية القطاع المزدهر المقبل في الصين مع استغلال منشآت الاعمال للسوق الضخمة من المستهلكين الموجود بالفعل على الانترنت.
من هنا لا يمكن ان نعزل إلحاح مايكروسوفت من أجل شراء ياهو عن الصفقة التي وقعتها ياهو ذاتها في العام 2005 عندما لشراء حصة تبلغ 40 في المئة من موقع «علي بابا. كوم» مقابل مليار دولار نقدا فيما سلمت ادارة عملياتها في الصين الى الشركة الالكترونية الصينية. واعتبرت هذه الصفقة، حينها، أكبر استثمار تقوم به شركة اجنبية للوصول الى مستخدمي الانترنت في الصين.
وحصلت ياهو بموجب الصفقة على 35 في المئة من حقوق التصويت في «علي بابا. كوم»، ما يجعلها اكبر مستثمر استراتيجي في الشركة الصينية. وكانت ياهو دخلت السوق الصينية اول مرة في اواخر العام 2004 بشراء شركة «نتوورك سوفتووير» للبحث على الانترنت بمبلغ 120 مليون دولار.
مسألة أخرى لا يمكن أن تكون غائبة عن عيون بالمر، وهي التوقعات التي نشرتها صحيفة الـ «فيننشال تايمز» مشيرة فيها إلى أن سوق الانترنت ستتجاوز ارباح الصحف الورقية من قطاع الإعلانات للعام 2007. وتوقع التقرير أنه بنهاية العام 2007 ستستقطب المواقع الالكترونية نسبة كبيرة جدا من الإعلانات تجعلها في المرتبة الثانية قبل الصحف المكتوبة وبعد التلفزيون الذي يحقق 12 مليار جنيه استرليني سنويا.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2042 - الثلثاء 08 أبريل 2008م الموافق 01 ربيع الثاني 1429هـ