في مقدمة كتيب «استراتيجية الحكومة الإلكترونية»، للفترة من 2007 إلى 2010، إشارة إلى برنامج شامل لتنفيذ الحكومة الإلكترونية، وتدشين بعض المشروعات الأساسية مثل شبكة البيانات الحكومية و«البطاقة الذكية» و«بوابة الحكومة الإلكترونية».
وتضيف المقدمة «وقد أدى اهتمام المملكة بالاعتماد على تقنية المعلومات إلى تحقيق درجةٍ عاليةٍ من الاعتماد على أجهزة الحاسوب بين الوزارات وتكوين بنية تحتية متفوقة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات».
هذا الكلام جميلٌ ولذيذٌ مثل الزبدة، التي تتماسك في الليل وتسيح في النهار. فالبطاقة الذكية يتطلب استخراجها انتظار شهر كامل، والاصطفاف من بعد صلاة الفجر أمام مبنى الجهاز المركزي للحصول على حجزٍ للمعاملة، على حين كانت البطاقة «غير الذكية» لا تتطلب غير عناء يوم واحد في المبنى القديم.
الثغرة الأخرى التي كشفت ضعف واقعنا الالكتروني هي الـ40 مليون دينار. فهذا المبلغ الذي رصدته الحكومة لمواجهة الغلاء، استغرق مجلس النواب شهرين لوضع معايير تضمن سلامة التطبيق ووصول علاوة الغلاء للمستحقين. بعدها جاء دور أعضاء مجلس الشورى، الذين اجتهدوا في إسقاط ما وضعه النواب من «معايير»، باعتبارها «شبهة دستورية»!
القصة أخذت تسخن، مع التوسع في المناقشات البيزنطية، هل نسميها علاوة غلاء كما حدث في بقية دول الخليج، أم نعتبرها مثل معونة الشتاء التي تصرف في المدارس؟ فشعب البحرين «غير»، فهو لا يستحق أن يُصرف له جزءٌ بسيطٌ جدا من ثروته العامة، ويجب معاملته على أنه شعب من الشحاذين. وهكذا أصر أحد مسئولي وزارة المالية على أنها «معونة» وليست علاوة غلاء!
وزارة التنمية الاجتماعية أرداتها «حُجّة في حاجة»، وهكذا دخلت بقوائمها «الالكترونية» على الخط، وصرّحت الوزيرة فاطمة البلوشي بأن القائمة الأخيرة تضم أرقام المواطنين المستحقين للمساعدات الاجتماعية المسجلين لدى الوزارة، وأن الوزارة قامت بتسجيل أرقامهم الكترونيا نيابة عنهم ومساندة منها لهذه الفئة، والذي سيساهم بدوره في حصولهم على الإعانة بشكل مباشر.
الوزيرة سبق أن بشّرت جماهير الشعب قبل أسبوعين بفتح 30 مركزا عاما لتسجيل أسماء الراغبين في الحصول على هذه «المعونة». وهكذا بدل ان تسهّل الوزارة العملية زادتها تعقيدا وبيروقراطية، تماما كما حصل في اختلاق قصة «عدم شرعية» عمل الصناديق الخيرية وضرورة تحويلها إلى جمعيات! وهي عقدةٌ لم تُحَل على رغم مرور ثلاث سنوات!
الوزيرة الفاضلة هي بالمناسبة عضوة اللجنة العليا لتقنية المعلومات والاتصالات، والمفترض أن تبحث عن طرقٍ لتسهيل الأمور على خلق الله، وتسريع صرف علاوة الغلاء، وتحاشي الاستخدام المفرط لمصطلح «المعونات» و«المساعدات»، فللناس كرامةٌ يجب أن تُحفظ. فهذا المال مال الشعب في ظلّ أزمة غلاء خانقة، وليس صدقة للفقراء والمساكين، والعملية مجرد إعادة تدوير جزء بسيط جدا من ثروته الوطنية.
وأخيرا... نتمنى أن تكمل الوزارة «معروفها» بأن تنقل تجربتها الالكترونية الناجحة إلى الجهاز المركزي للإحصاء؛ لتسريع اعتماد بقية أسماء الأسر بحسب المعايير التي اعتمدها البرلمان بالاتفاق مع الحكومة. فالناس الذين اقتطعت من رواتبهم نسبة 1 في المئة بـ «كبسة زر» من دون ضجيج ولا بدعة مراكز تسجيل الأسماء، لا يصدّقون عدم اكتمال معلوماتهم، وخصوصا مع وجود «درجةٍ عاليةٍ من الاعتماد على أجهزة الحاسوب بين الوزارات وتكوين بنية تحتية متفوقة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات»!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2041 - الإثنين 07 أبريل 2008م الموافق 30 ربيع الاول 1429هـ
الغلاء
نريد التعرف باسماء المستحقين