تستقوي الوفاق بالغطاء الشرعي على حركة “حق”، ورغم المحاولات الحثيثة للأخيرة في التملّص من ضرورة وإلزامية الحصول على مثل هذا الغطاء، إلا أنها تخفق في ذلك كلّ مرة جراء كونها في الأساس حركة اجتماعية لشارع تعوّد أنْ يكون “الشرع” و”الواجب الشرعي” محركه الرئيس.
وكما يعمل “الغطاء الشرعي” على تقويض أسس نشأة “حركة حق” أولا وتقبل الشارع لها ثانيا، هو يعمل أيضا، على تقوية وتدعيم وتعزيز موقع الوفاق في الشارع، وتأكيد كونها الممثل الرسمي للشخصية الأولى والرئيسية للمرجعيات الدينية المعنية بإدارة العملية السياسية في البحرين الشيخ عيسى قاسم.
ومن هنا يتضح الخيار الثاني أمام نواب الكتلة الإيمانية بعد الانصياع لرغبات الشارع، وهو ضرورة الانصياع لمقررات المرجعيات الدينية والمجلس العلمائي، وكم مرة أكّد النائب الشيخ علي سلمان أنّ أيّ نظام داخلي للوفاق لن يكون أقوى من صوت الشيخ عيسى قاسم أو المؤسسة العلمائية ككل؟، ولا تبدو تأكيدات الشيخ علي سلمان هذه بالتحديد، إلاّ دلالة ضمن سياق الدلالات التي تؤكّد على أن التشكيل المدني للوفاق بوصفها مؤسسة سياسية ديمقراطية تحتكم لرأي شارعها، هو تشكيل “هش”، و”غير حقيقي”، فالوفاق بوصفها مؤسسة سياسية تابعة لخيارات ورؤئ المؤسسة الدينية هو أصدق وأكثر دقة.
الظاهر، هو أنّ المجلس العلمائي والشيخ عيسى قاسم يؤيدون خيار المنافحة للحكومة ونواب الموالاة داخل المجلس إلاّ أنهما يرفضان بالضرورة أنْ تمتد هذه الممانعة والمنافحة في مستواها نحو استخدام الوفاق لقوّة الشارع. وأمام تحفظ المؤسسة الدينية على اللعب بورقة الشارع - لم تلعب المؤسسة الدينية بهذه الورقة إلاّ في مشروع التصدّي لقانون الأحوال الشخصية - من جهة، ورفضها في أنْ تبدي كتلة الوفاق النيابية مرونة في مواقفها بما يُوحي بقبولها للتسويات السياسية من جهة أخرى، يبدو نواب الوفاق في مأزق حقيقي، خصوصا أنّ هذين الشرطين لا يتركان بينهما أيّ مساحة كافية للعب.
تقوم السياسة على تقديم التنازلات، ولا يبدو أنّ نواب الوفاق مستعدون؛ لأنْ يقبلوا بإنهاء ملف التقرير المثير للجدل أو ملف التجنيس من أجندتهم السياسية داخل المجلس وخارجه مقابل أي تنازل قد تتقدّم به الحكومة أو كتل الموالاة في ملف آخر. السياسة تقول لنواب الوفاق إنهم يستطيعون القيام بمثل هذه التسويات، بل أنها كتسويات هي بالتحديد كنه العملية السياسية في أيّ تجربة ديمقراطية وضعية. لكن نواب الوفاق لا يستطيعون ذلك، وإذا كان اقناع الشارع بضرورة التنازل عن بعض الملفات لصالح أخرى ممكنا مع تحمّل بعض النعوت بـ “الخيانة” و”العمالة”، فمن يا ترى يستطيع أنْ يقنع المجلس العلمائي بقبول ذلك؟!.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2041 - الإثنين 07 أبريل 2008م الموافق 30 ربيع الاول 1429هـ