من موقعه كرئيس وزراء سابق لباكستان ولكونه خبيرا اقتصاديّا دوليّا، توقع شوكت عزيز، في حديث له مع برنامج «أسواق الشرق الأوسط»، الذي تبثه «سي إن إن» (CNN) تنامي التقارب الخليجي مع الصين، الذي وصفه بأنه لن «يرتدي طابعا سياسيّا فحسب، (منبها إلى) أن المستقبل سيشهد تطور هذه العلاقات مع انتقال الشركات الصينية إلى مستويات عالمية وحاجتها إلى منشآت إنتاجية حول العالم».
وجاءت مواقف عزيز في مقابلة تناولت تحليل أبعاد زيارة نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس وزرائها وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وظهور ما يسميه بعض الخبراء محور «شرق شرق» التجاري الاقتصادي، ملمحا إلى أن «اقتصاد دبي والإمارات يتكامل مع الاقتصاد الصيني».
وأوضح عزيز موقفه بالقول: «أعتقد أن هناك تكاملا في الأدوار، فالصين تمتلك اقتصادا عالميّا ينمو بوتيرة متسارعة قد تكون الأكبر في العالم، وبصمة الصين باتت تظهر واضحة في العالم أجمع، بينما تحولت دبي والإمارات إلى مركز أساسي للتبادل التجاري بالنسبة إلى جنوب آسيا والشرق الأوسط والمنطقة ككل».
يشارك عزيز في هذه النظرة الكاتب الاقتصادي السعودي أحمد صالح العثيم، فنراه يشخص هذه العلاقة المتميزة والمتكاملة، لكنه لا يحصرها في دولة الإمارات بل يوسع من نطاقها كي تشمل دول مجلس العاون الخليجي، فنجده يقول: «ترتبط الصين بعلاقات تاريخية وثيقة مع دول مجلس التعاون الخليجي، إذ نمت العلاقات التجارية بين الجانبين منذ العام 1980م وارتفعت بشكل ملحوظ العام 2000م بينما ارتفع حجم التبادل التجاري في العام 2004م بمقدار 17 مليار دولار، كما صدرت الدول الخليجية ما قيمته 8,01 مليارات دولار واستوردت ما قيمته 8,9 مليارات دولار، كما أن حجم التبادل التجاري بين الصين ودول الخليج العربية ظل يرتفع بنسبة 40 في المئة كل سنة في الفترة بين 1999 و 2004، إلى جانب أن الصين صدرت خلال العام 2004 ما قيمته 10,44 مليارات دولار إلى الدول الخليجية واستوردت ما قيمته 14,30 مليار دولار».
ولا يحتاج المرء إلى الكثير من الحصافة كي يرى مجالات التعاون وقنوات التكامل. يكفي أن نبدأ بالنفط. تجمع المصادر المالية كافة على أن الصين أصبحت، ومنذ العام 2003، المستهلك الثاني للنفط في العالم بعد الولايات المتّحدة، وتخطّت الصين في هذه الفترة اليابان، واحتلّت مركزها فيما يتعلّق باستهلاك النفط مع طلب كلي يساوي 6,5 ملايين برميل يوميّا. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يبلغ الطلب الصيني على النفط 14,2 مليون برميل يوميّا بحلول العام 2025 مع استيرادها الصافي لحوالي 10,9 ملايين برميل يوميّا.
على المستوى الخليجي، في وسع دول مجلس التعاون، التي تختزن أراضيها، بالإضافة إلى إيران والعراق، ما يقرب من 45 في المئة من احتياطي النفط المعروف منذ العام 1945 و59 في المئة منذ نهاية العام 2003، الأمر الذي يؤهلها لمدّ الصين بما تحتاج إليه من احتياجات نفطية ولفترات زمنية طويلة.
وفي الجهة المقابلة، تعد دول الخليج العربية ثامن أكبر شريك تجاري للصين في العالم وثامن أكبر سوق في العالم للمنتجات الصينية، وتاسع أكبر سوق تصدير للصين. ولكن على رغم ذلك، وبالنظر إلى القوة الاقتصادية وإجمالي حجم التجارة الخارجية للطرفين، تعتبر التبادلات التجارية بينهما قليلة حتى وإن كان الميزان التجاري بين الصين ودول الخليج يبلغ 65 في المئة من إجمالي حجم التجارة بين الدول العربية والصين حاليّا.
حالة المصالح المتبادلة بين الصين ودول الخليج، تؤهلهما لتطوير علاقات متميزة يمكن أن تنعكس على نحو إيجابي على المستوى السياسي، وخصوصا عندما يؤخذ في الحسبان التوتر الذي يسود العلاقات الخليجية - الغربية، ولاسيما الأميركية منها. والعلاقات غير الرسمية العربية-الصينية قديمة قدم طريق الحرير والخلافة الإسلامية. وهذه أرضية جيّدة للانطلاق بعلاقات رسمية جديدة وخصوصا مع وجود أكثر من جالية إسلامية في الصين تتراوح تقديراتها بين 25 و250 مليون مسلم صيني.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2040 - الأحد 06 أبريل 2008م الموافق 29 ربيع الاول 1429هـ