العدد 2040 - الأحد 06 أبريل 2008م الموافق 29 ربيع الاول 1429هـ

الجمود الباكستاني الإسرائيلي

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يبدو أنه لا يمر يوم في باكستان لا تتصدّر فيه أنباء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني عناوين الصحف. لقد نشأت أجيال بكاملها وهي ترى المنطقة على شاشات التلفزة مرادفة للنزاع الدائم. من طلاب المدرسة الدينية في القدس وهم يقتلون إلى سكّان غزّة المحاصرين بإغلاق اقتصادي وفعلي، تستمر المعاناة الإنسانية بتشكيل صدمة لنا بشكل متواصل.

أقيم على بعد مئات الأميال عن القدس، في مدينة كاراتشي. ولكن مثلي مثل أعداد كبيرة من الناس في باكستان، أهتم كثيرا بما يحصل في ذلك الجزء من العالم. وأنا مهتم ليس لأنّ النزاع «ديني بطبيعته»، كما يرغب الكثيرون بالاعتقاد، ولكن لأنه نزاع إنساني تمتد تداعياته إلى خارج الحدود الفلسطينية الإسرائيلية وله أثر ملموس على التعايش اليهودي الإسلامي في أماكن أخرى.

وأنا لا أدّعي أنني مجرد مراقب مُحايد في هذا النزاع، ففلسطين مكان نشأت وأنا أسمع عنه. كان أبي وأخوته يساريين مثلت «إسرائيل» لهم كفاحا رئيسيا في العالم الثالث من أجل الحرية. ذهب عمي إلى الأردن في السبعينيات للتدرُّب مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. بالمقارنة، درست في كلية للآداب الإنسانية في الولايات المتحدة حيث أنشأت صداقات مع طلبة يهود وآخرين ينتمون إلى الحركة الصهيونية. عندما كسرت الخبز يوم السبت مع أصدقائي اليهود أدركت حقا مدى العلاقة الوثيقة بين الديانتين الإبراهيميتين، اليهودية والإسلام.

ليست الباكستان منخرطة بشكل مباشر في النزاع العربي الإسرائيلي، وليس لباكستان و»إسرائيل» أسباب مباشرة للنزاع. الواقع أنّ احتلال فلسطين هو الذي يمنع العلاقة بين الدولتين. في الماضي نادى الكثير من الزعماء الإسرائيليين بإنشاء معاهدات رسمية. وليس سرا أنه كانت للدولتين علاقات غير مباشرة منذ عقود عديدة.

الرئيس مشرّف دعا العام 2003 إلى حوار عام يتعلّق بالاعتراف بدولة «إسرائيل»، إلا أنّ الرأي العام في باكستان كان ضد أية تسوية ما لم تكن هناك جهود راسخة نحو إنشاء دولة فلسطينية. بعد مرور سنتين، وفي تحرك أثار الكثير من التساؤلات، قابل وزير خارجية الباكستان خورشيد كاسوري نظيره الإسرائيلي سلفان شالوم، مشكّلا أوّل لقاء علني رسمي باكستاني إسرائيلي. تبعت ذلك اللقاء احتجاجات في غزّة وفي أرجاء باكستان كافة. منذ تلك الحادثة تراجع مشرف إلى موقف باكستان التقليدي بأنه لن يكون هناك اعتراف بـ «إسرائيل» حتى يتم إنشاء الدولة الفلسطينية.

وفي مارس/آذار 2002، اقترح الملك عبد الله ملك السعودية ما أصبح يُعرف بمبادرة السلام العربية في بيروت، وهو اقتراح يُنادي بإنشاء دولة فلسطينية بناء على حدود العام 1967، تحصل «إسرائيل» بموجبها على اعتراف كامل من قبل الدول العربية. وتجعل المبادرة، التي أعيد طرحها في قمّة الرياض العام 2007، من الواضح أنّ أمن «إسرائيل» يعتمد بشكل وثيق على العدالة وشعور بالأمل لدى الشعب الفلسطيني، وقد تبنت العديد من الدول الإسلامية تلك المبادرة، ومن بينها الباكستان، ويبدو أنّ هذه المبادرة هي آخر أمل باقٍ للسلام في المنطقة.

أصبح إنشاء دولة فلسطينية قادرة على البقاء، بالنسبة لهؤلاء منا الذين يرفضون النظريات المدمرة مثل صدام الحضارات، والمرتعبين من عملية الاستقطاب المتنامية في العالم، أمرا أكثر إلحاحا وحسما من أي وقت مضى. أنا مقتنع بأنه إذا أريد لتسوية أنْ تتم بين «إسرائيل» وباكستان، يتوجب وضع حد للاحتلال. أفضل رهان للسلام والأمن والقبول في العالم الإسلامي على اتساعه بالنسبة لـ «إسرائيل» هو دولة فلسطينية مستقلة.

صحافي مستقل يعيش في كراتشي، والمقال يُنشر بالاتفاق مع خدمة كومن غراوند الإخبارية

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2040 - الأحد 06 أبريل 2008م الموافق 29 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً