قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية الإثنين الماضي أنّ أحد الجيوش «العربية» يشكّل الآن وحدة خاصة من «قوات النخبة» لرصد وتدمير الأنفاق المستخدمة للتهريب من سيناء إلى قطاع غزّة. ونقلت عن مسئولين بالجيش الإسرائيلي، خبر نشر أنظمة أميركية الصنع؛ ليستخدمها الجيش «العربي» في رصد وتدمير هذه الأنفاق.
أمّا زميلتها «يديعوت احرونوت» فنقلت عن مسئولين أميركيين تقديم دعم بقيمة 23 مليون دولار معظمها لشراء معدات تكنولوجية لتحديد مواقع الانفاق ومنع اختراق السياج الحدودي بين مصر وغزّة على أيدي «المتمردين الفلسطينيين»!
فريق النخبة ستكون مهمته اقتحام الأنفاق وزرعها بالمتفجرات لتدميرها من الداخل، بينما كان يتم الاكتفاء بتدمير مداخلها فقط، مما كان يسمح للفلسطينيين «الإرهابيين» بإعادة ربط النفق بمدخل جديد! والوحدة الجديدة تلقت تدريباتها على أيدي مهندسين أميركيين زاروا «إسرائيل» مؤخرا، وتجوّلوا ميدانيا على «أرض المعركة»، واجتمعوا مع أعضاء في وحدة الهندسة بالجيش الإسرائيلي، ومن ثم قاموا بتوصيل «معلومات حيوية» للجيش العربي المذكورللقيام بواجبه القومي في تدمير الأنفاق.
بعد يومين من نشر الخبر، أشاد السفير الصهيوني هناك شالوم كوهين «بالجهود الحقيقية والصادقة» التي قامت بها ضد «الأنفاق»! وقال: «نحن ممتنون جدا لهذه الجهود الحقيقية والصادقة للانتهاء من هذه الأنفاق ». وكانت «إسرائيل» تتهم فيما مضى جارتها العربية بـ «الميوعة» وعدم التصدّي بجدية لهذه الأنفاق!
السلطات في ذلك البلد العربي، وفي اليوم نفسه أعلنت عن تدمير ثلاثة أنفاق، إلاّ أنّ كوهين لم يكتف بهذا الانجاز وقال: «هذا تطور إيجابي لكن لايزال هناك الكثير للقيام به»، فعلى الجارة العزيزة أن تقوم «بأقصى ما يمكنها»، وإلاّ فإنها لا تحفظ الودّ الواجب بين الجيران، ولا تراعي جانب اتفاقيات السلام وما تفرضه المواثيق الدولية بين البلدان!
الأنفاق تقول عنها «إسرائيل» انها تُستخدم لتهريب الأسلحة، ويقول آخرون أنها تستخدم لتهريب المخدرات، بينما تقول تقارير أخرى أنّ أغلبها يستخدم لتهريب الأدوية والغذاء والحاجات الأساسية، في محاولةٍ لكسر الحصار المفروض على الفلسطينيين المحاصرين في سجن غزّة الكبير، منذ أكثر من عام. وهي المحاولة التي وصلت ذروتها في مطلع فبراير الماضي حين حطّم الفلسطينيون المعابر الحدودية للخروج من أبشع معتقل جماعي على وجه الأرض، أقيم بمباركة ومشاركة دول «الطوق» العربي!
حفر الأنفاق ليس ترفا ولا لعبة مسلية، بل هو مواجهةٌ مع الموت بشكل يومي، بهذه الطريقة الكارثية أو تلك. وآخر الكوارث ما حدث لشابٍ فلسطيني، من انهيار النفق عليه في الجانب الفلسطيني من مدينة رفح الحدودية، ولم يتمكنوا من إخراج جثته إلاّ بعد أيام، بينما اعتقلت الشرطة في ذلك البلد العربي فلسطينيا آخر لدى خروجه من النفق رغم حالته الخطيرة وجروحه البليغة.
النظام العربي المترهل وصل إلى هذا الحد من التحلّل والتفكك والخضوع، بحيث لم يعد المواطن العربي يطمع من هذه الأنظمة بفك الحصار عن القطاع المكتظ بمليون ونصف مليون «عربي» أصبحوا في القانون الدولي أقل قيمة وشأنا من النمل.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2039 - السبت 05 أبريل 2008م الموافق 28 ربيع الاول 1429هـ