إن الزيادة في عدد سكّان المواطنين كان مهولا ومخيفا، أثار ذلك - بحسب بعض المصادر- وكالات الأنباء فسارعت تتناقله كخبر مهم ومثير، إذ كيف تقفز الزيادة في عدد المواطنين من 10 آلاف نسمة سنويا تقريبا إلى 70 ألفا في سنة 2007 مقارنة مع 2006، وبدلا من نمو سكّاني في حدود 2.5% قفز فجأة إلى أكثر من 15%.
الجهاز المركزي للمعلومات، انبرى وأصدر بيانا توضيحيا نشرته «الوسط» بتاريخ 28-2-2008 ردّا على ما أوردته بعض وكالات الأنباء. غير أنّ هذا البيان كشف عن ثغرات أخرى خطيرة في حاجة لوقفة جادة. فما الحل وكيف تُبرر هذه الزيادة الخطيرة في عدد المواطنين؟
المشكلة بحسب بيان الجهاز المركزي، أنهم كانوا يعتمدون على منهْج قديم جعل من عدد أنفاس المواطنين في العام 2006 في حدود 459 ألف نسمة فقط؛ لأنّه منهج تقديري مبنيّ على أساس تعداد السكّان الذي تم إجراؤه سنة 2001. وكان عدد البحرينيين حينها في حدود 405.700 آلاف نسمة.
وبحسب المنهج (القديم) الذي يتبعه الجهاز المركزي للمعلومات، يُفترض أنّ الزيادة في عدد البحرينيين من سنة 2001 إلى 2007 تبلغ في مجموعها تقريبا 63 ألف مواطن، بزيادة مقدارها عشرة آلاف مواطن سنويا. ولكن الزيادة في السكّان وبسبب المنهج الجديد الذي ظهر فجأة وبشكل مباشر بعد تصريحات الوزير عطية الله جعل الزيادة في عدد السكّان في سنة 2007 أكثر من 123 ألف نسمة في ست سنوات بدلا من 63 ألف فقط؛ أي أنّ المنهج الجديد أوضح أنّ عدد السكّان زاد في فترة ست سنوات بمقدار ضعف الزيادة التي يتحفنا بها المنهج القديم، فيالها من مصيبة حلّت علينا بسبب ذلك المنهج الذي تصل نسبة الخطأ فيه تقريبا 100في المئة في غضون ست سنوات فقط مقارنة مع المنهج الجديد الذي اعتبره الجهاز المركزي هو منهج أدق من السابق. ولا شك أن تعبير (أدق من السابق) قليل في حق المنهج الجديد مقارنة مع المنهج (القديم) الذي ورّط الحكومة وورط الشعب وورّط المؤسسات التنموية التي تعتمد أرقامه.
إذا كان الجهاز المركزي يقدّم معلومات للجهات المعنية بالتخطيط والخدمات بنسبة خطأ كبيرة جدا، بل شديدة الفحش تصل إلى 100في المئة تقريبا، فبدلا من زيادة سنوية يبلغ معدّلها 20 ألف مواطن (بحسب المنهج الجديد)، كان الجهاز المركزي للمعلومات يقدّم ويطبع في نشراته أنّ الزيادة في السكّان من المواطنين تبلغ ما يقارب عشرة آلاف نسمة فقط سنويا، ولهذا فبعد ست سنوات تراكمت أخطاء المنهج القديم؛ ليكشف لنا الوزيرعطية الله بعد أنْ جرّب المنهج الجديد، أنّ الزيادة في السكّان بلغت في ست سنوات 123 ألف نسمة بدلا من 63 ألف.
وبهذا كانت الدولة تخطط وتوسّع في خدماتها في الصحة والتعليم وغيرهما من القطاعات الحيوية طيلة السنوات الست الماضية على أساس من الخطأ الفاحش جدا، وليس اليسير. وليت شعري أينَ كان الجميع غافلينَ عن المنهج الجديد طيلة عقود من المنهج القديم الذي كان يقدّم أرقاما عن عدد السكّان لمختلف الجهات والمؤسسات التنموية تبلغ نصف العدد الحقيقي. أعتقد بان أخف حكم يستحقه المنهج القديم، هو الإعدام الرمزي علنا أمام الملأ، وحرق كلّ الكتب والنشرات الإحصائية التي أُصدرت اعتمادا على ذلك المنهج التعيس.
وربما يستوجب الأمر على الحكومة أنْ تحرك الإدعاء لرفع قضية دولية تُطالب فيها بسحب الشهادات العليا من مخترع هذا المنهج، وإلغاء تدريسه من الجامعات ومعاهد العلم، ولا تنس أيضا أنْ تطالب بغرامة كبيرة جدا، توّزعها على أبناء الشعب وخصوصا العوائل التي لاقى أفراد منهم حتفهم وما زال الكثير منهم يلقى حتفه نتيجة عدم توفر سرير في مركز السلمانية الطبي أو نتيجة استفحال المرض قبل أنْ يحل موعد معاينة الاستشاري، حيث تكون المسافة بين الموعد والآخر أكثر من أربعة أشهر بلا أدنى مبالغة.
ولكن هل ارتكب المنهج القديم جريمته هذه فيما مضى؟ أو اقتصرعلى الست سنوات الماضية فقط؟ هذا ما نحاول كشفه في مقال آخر.
إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"العدد 2039 - السبت 05 أبريل 2008م الموافق 28 ربيع الاول 1429هـ