في واحدةٍ من آخر صيحات «الموضة» النفطية، نشرت إحدى الصحف الخليجية أن دائرة الشرطة في تلك الإمارة ستقيم مزادا علنيا بقاعة المؤتمرات بأحد الفنادق الكبيرة هناك؛ لبيع الرقم (6)!
الحدث لم يكن الأول من نوعه، بل الثامن في سلسلة المزادات للأرقام «المميزة»!
إدارة الشرطة وتجاوبا مع الجماهير المهتمة بشراء الأرقام المميزة قرّرت طرح هذا الرقم «المميز»، الذي يعتبر «من الأرقام الفردية المهمة» كما جاء في الصحيفة!
الهدف المعلن من وراء هذا المزاد هو المساهمة في بناء المركز الوطني للإصابات، وهو هدفٌ نبيلٌ لا يختلف فيه اثنان، إلا أن الدعاية له جاءت دون المستوى النبيل بكثير من حيث عدم احترام العقل. فالقائم على ترويج المشروع - وهو رجلٌ عسكري - أقحم الدين والتاريخ والخرافات وعواطف النساء لترويج بضاعته.
الرجل بدأ أولا بالحديث عن «أهمية الرقم 6 في ديننا الإسلامي الحنيف»! والدليل هو ذكره في سورٍ كثيرةٍ، منها الأعراف والفرقان وهود ويونس والسجدة وق والحديد! إذا... الرقم 6 رقمٌ مقدّسٌ بامتياز!
الدليل الآخر هو أن آيات الشفاء في القرآن عددها 6، وشروط الزكاة 6، وشروط الصوم 6، وآخر سورة في المصحف الشريف تتكون من 6 آيات، والذين تكلّموا في المهد عددهم 6 أطفال... فهل تريدون أدلة أخرى على أنه رقمٌ مقدّس؟
إلى جانب أهميته في القرآن - يقول العسكري - «الرقم 6 له أهميةٌ كبيرةٌ أيضا في الحضارات والأمم القديمة»، فلماذا لا يكون مهما عندكم أيضا في القرن الحادي والعشرين وخصوصا أن «علماء الاجتماع وعلماء النفس أجمعوا على أن جميع الأشخاص ذوي الرقم 6 يجذبون الآخرين إليهم وهم محبوبون دائما»؟... ولا ندري من أية جنسية علماء النفس والاجتماع هؤلاء؟ ومن أية جامعة تخرجوا؟ ومن أعطاهم شهادة «أكاديمية» ليخرجوا على الناس بمثل هذه التخاريف؟
الرقم 6 أيضا - كما يقول العسكري - من أكثر الأرقام المحببة لدى السيدات في العالم، والدليل أن كلمة «ست» من ألقاب النساء! وأشهرهن سيدة الغناء العربي أم كلثوم!
ولأني أردت أن التأكّد من ذلك، سألت زميلتي بالصحيفة: ماذا يعني لك رقم 6؟ فأجابت من دون تردد: أكرهه! لماذا؟ فأجابت ضاحكة: «لأنه يعني لي شهر الحر والامتحانات»! وماذا تفضلين؟ الرقم 9 لأنه أقرب لعلامات الامتياز»! أما زميلةٌ أخرى فأجابت: «لا يعني لي شيئا، فأنا أفضّل الرقم 5»! أما الزميلة الثالثة التي لم تتوقع مني سؤالا من هذا النوع، فضحكت وقالت: «سؤال غريب. فأنا ليس عندي رقم مفضل أصلا»!
كلما ازدادت مداخيل النفط ازداد البعض تفاهة واستخفافا بالعقل واستغلالا للدين والقرآن المجيد!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2037 - الخميس 03 أبريل 2008م الموافق 26 ربيع الاول 1429هـ