المتتبع لرياضتنا البحرينية يدرك أن أي إنجاز يتحقق في غالبه بفضل الاجتهاد الشخصي ولم يكن بتخطيط مسبق، والدليل صعوبة المحافظة على الإنجاز؛ لأن أي انجاز يجب أن يكبر لا أن يظل على ما هو عليه في المرات أو السنوات التي تليه كتحقيق بطولة معينة مثلا، فتحقيق البطولة نفسها في المرات القادمة لا يعتبر إنجازا لأنه أصبح من الأمور العادية.
وواقع رياضتنا البحرينية في غالبها يدل على أن القائمين عليها والممارسين لها يبذلون جهودا جبارة لتحقيق أي إنجاز يسجل لهم بعيدا عن التخطيط المستقبلي؛ لأن المسئولين عن الشباب والرياضة يعانون من المشكلة نفسها وهي التخطيط الاستراتيجي للنهوض بالرياضة. وهذه الأيام يعيش الوسط الرياضي فرحة فوز منتخبنا الأول لكرة القدم بإنجاز غير مسبوق ومؤقت بفوزه على المنتخب الياباني القوي على أرض البحرين، وما تبع ذلك من إشادة من المسئولين ومن تحفظ بعض المدربين والنقاد الرياضيين الذين اعتبروا الفوز تعاملا مع الواقع فقط بفرض أسلوب معين لهذه المباراة أو تلك. والجميع يدرك أن منتخبنا لن يصل إلى كأس العالم التي ستقام في جنوب أفريقيا والسبب ضعف التخطيط للرياضة، كما لم تحظَ أي من أندية البحرين وبعض الاتحادات خلال السنوات الماضية بأي إنجاز على مستوى دول مجلس التعاون.
الكثير من الرياضيين ومحبي الرياضة يشاهدون التطور الرياضي في بعض الدول التي بدأت متأخرة، ولكنها تحصل على نتائج إيجابية؛ نظرا إلى التخطيط المدروس منذ سنوات. وواقع أنديتنا واتحاداتنا المحبط يشهد بذلك، حيث المشاركات الواسعة سواء على المستوى الخليجي أو العربي أو الآسيوي ولكن النتائج دائما الخروج المبكر.
معالجة المشكلات الرياضية والنهوض بالرياضة البحرينية يحتمان وجود خطة استراتيجية مستقبلية. ووضع الخطة يجب أن يشرك فيها أصحاب القرار كالأندية والاتحادات واللاعبين والصحافيين، وأن تكون هناك متابعة جادة لتحقيق الأهداف المنشودة وإصلاح الانحرافات في حال وجودها والابتعاد عن الأنانية والفئوية والتفكير في شباب الوطن والأندية ككل.
ومما يؤسف له عدم وجود تخطيط وعدم وجود من يطالب أصحاب القرار أو المشرعين، وأنديتنا واتحاداتنا لا تسمع آراءهم بل لا يعتبر لهم وجود وهم مهمشون من قبل المؤسسة العامة للشباب والرياضة.
إن وجود برلماننا الحالي كفيل بتحقيق تطلعات شباب البحرين الرياضي، وعلى رغم وجود المهتمين بالمجال الرياضي في المجلسين نرى النائب عادل العسومي يعمل باستحياء على إثارة هذا الموضوع. فالمطالبة بالعمل على النهوض بالرياضة وخصوصا كرة القدم تعد مطلبا شعبيا لشريحة كبيرة في البحرين، لا تنحصر في فئة أو طائفة معينة. فقد كانت هناك بعض التحركات النيابية في الفصل التشريعي السابق من بعض النواب الذين وجهوا أسئلة وتقدموا باقتراحات، ولكن في المجلس الحالي لم يهتم النواب ولا الشوريون باستخدام أدواتهم الدستورية في متابعة هذا الموضوع المهم الذي لا يعد من أولوياتهم.
هناك الكثير من الأفكار التي تصلح لمعالجة الوضع الرياضي سواء على مستوى الأندية أو الاتحادات الرياضية، كما أن هناك الكثير من العلاجات والأفكار للنهوض بالرياضة كتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار الرياضي، وإنشاء المدارس الكروية في شتى التخصصات، والاستفادة من الخبرات البحرينية والخبراء الأجانب لتطوير الألعاب المختلفة، ومساعدة الأندية على جلب لاعبين أجانب يتمتعون بسمعة دولية تدفع مخصصاتهم المؤسسة العامة للشباب والرياضة، والعمل على تطوير البنية التحتية للأندية، حيث إن غالبية الأندية والاتحادات تعاني نقصا في الجانبين الإداري والمالي، أو تشكو عدم التفرغ الرياضي للكوادر المؤهلة وعدم وجود المنشآت المتكاملة القادرة على استيعاب طاقات الشباب؛ مما أدى بدوره إلى العزوف وانغماس الشباب في مشكلات لا حصر لها أثرت على توجهاتهم واهتماماتهم فظهرت النتائج التي يشهدها المجتمع في الوقت الحاضر كالفراغ والجرائم التي لم تكن معهودة في البحرين.
المسئولية مشتركة وتقع في المقام الأول على المشرّعين في المجلسين والحكومة، حيث تبرر المؤسسة العامة هذا التدهور بضعف الموازنة، ومن هنا تأتي مسئولية مجلسي الشورى والنواب لحل هذا الإشكال. وعلى رغم علمنا بوجود بعض الأعضاء الذين كانوا رؤساء أندية والبعض لديه اهتمامات رياضية حتى النخاع إلا أن الانشغال بأمور تخدم قطاعا بسيطا يظل الشغل الشاغل لديهم وتركوا أكبر شريحة في البحرين وهي شريحة الشباب.
إن المطلب الأساس لهو العمل على تشكيل لجنة مؤقتة في أي من المجلسين لمناقشة الوضع الرياضي، تضم الجهات ذات الاختصاص والمهتمين لتقديم خطة استراتيجية واضحة المعالم تلتزم بها المؤسسة العامة وأنديتنا واتحاداتنا.
إقرأ أيضا لـ "حسين خميس"العدد 2037 - الخميس 03 أبريل 2008م الموافق 26 ربيع الاول 1429هـ