العدد 2293 - الإثنين 15 ديسمبر 2008م الموافق 16 ذي الحجة 1429هـ

السعودية وتطوير إدارة الحج

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

بحسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، بلغ عدد حجاج السنة الهجرية 1429 أي هذا العام 2008 نحو مليونين و400 ألف حاج جاؤوا من 178 بلدا في العالم. في التفاصيل، بلغ عدد حجاج الخارج مليونا و720 ألف مقابل 680 ألفا عدد حجاج الداخل موزعين ما بين سعوديين ومقيمين. وتبين أن هذا العدد يقل عما كان عليه الوضع قبل سنة أو سنتين كحد أقصى، إذ كان يشارك نحو 3 ملايين فرد في أداء المناسك بينهم ما يزيد على مليون فرد من الداخل.

وبدا أن السلطات السعودية قررت فرض شروط على زوار الداخل لغرض إفساح المجال أمام حجاج الخارج في ظل غياب لتأثيرات سلبية نوعية بخصوص مساهمة اقتصاد الديار المقدسة في الاقتصاد السعودي. وتشمل هذه الشروط الحصول على رخصة مسبقة من السلطات فضلا عن تحديد عدد المرات التي يقوم فيها الفرد بأداء المناسك مرة واحدة كل خمس سنوات.

شروط وفوائد

يتمثل الاعتقاد السائد بأن عددا غير قليل من السعوديين يذهبون للحج مستخدمين سياراتهم الخاصة، الأمر الذي يشكل ضغطا على شبكة الطرق. بالمقابل، تأتي الغالبية العظمى من حجاج الخارج بواسطة الطائرات، ما يعني جلب تجارة للخطوط الجوية السعودية والمطارات وخصوصا مطار الملك عبدالعزيز في جدة والذي يستقبل ثلثي زوار الخارج. إضافة إلى ذلك، يقوم حجاج الخارج بالاستفادة من المواصلات المحلية سواء من المطار أو التحرك الداخلي وبالتالي يساهمون في تعزيز دخل المواطنين. كما يقوم زوار الخارج بتأجير غرف الفنادق والمباني المنتشرة في المناطق القريبة من المسجد الحرام (يقوم بعض أرباب المنازل في مكة المكرمة بتأجير بيوتهم على مقاولي الحج ومغادرة المدينة المقدسة أثناء الموسم). توجد في مكة المكرمة أكثر من 7 آلاف بناية لسكن الحجاج عدا الفنادق المصنفة، إذ تصل نسبة الإشغال مئة في المئة أثناء الموسم.

كما يشجع القائمون على الشأن السياحي الزوار الميسرة أحوالهم وخصوصا القادمين من الدول الغربية القيام بجولات في بعض أماكن أخرى في المملكة المترامية الأطراف مثل المناطق الصناعية فضلا عن العاصمة (الرياض) والمنطقة الشرقية والتي بدورها تحتضن الصناعة النفطية. كما يستغل البعض الآخر الموسم لزيارة المناطق السياحية وعلى الخصوص في عسير. باختصار، هناك مصلحة اقتصادية للسعودية لعدم إفساح المجال أمام حجاج الداخل لمزاحمة حجاج الخارج.

منتجات وفرص عمل

استنادا إلى نتائج دراسة محلية، تزيد القيمة الاقتصادية للفعاليات المرتبطة بالديار المقدسة على 30 مليار دولار (أكثر من 11 مليار دينار). ويعد هذا الرقم ملفتا للنظر، إذ يشكل قرابة 8 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للسعودية، الأمر الذي يعكس الأهمية النسبية الكبيرة للأنشطة المرتبطة بالعتبات المقدسة. ويشمل المبلغ العديد من الفعاليات المرتبطة بالعتبات المقدسة مثل الإقامة والأكل وتقديم الأضاحي وشراء الهدايا والصرف على المواصلات والاتصالات وغيرها من الأمور. ويغطي المبلغ تدفقات موسم الحج فضلا عن زيارات العمرة على مدار السنة والتي تصل ذروتها في شهر رمضان المبارك وعلى الخصوص في العشر الأواخر. وتستقبل مكة المكرمة أكثر من 5 ملايين زائر في على مدار السنة.

وتوفر الفعاليات المرتبطة بموسم الحج إضافة إلى العمرة على مدار السنة فرصا للمؤسسات التجارية والصناعية السعودية لترويج مختلف أنواع السلع على الحجيج والمعتمرين، الأمر الذي يعزز من قدرتها التنافسية بين مثيلاتها في المنطقة. والملفت أن كل سلعة تقريبا قابلة للبيع في الديار المقدسة وتشمل هذه الألعاب والملابس وطبعا التمور. ويجيد بعض أصحاب المتاجر العديد من اللغات أو على أقل ما هو ضروري لتيسير المعاملات التجارية. كما يوفر موسم الحج فرص عمل للمواطنين السعوديين، إذ يحتاج الاقتصاد الوطني لإيجاد نحو 160 ألف وظيفة سنويا للداخلين الجدد في سوق العمل. ويقوم المئات من المواطنين باستخدام عرباتهم الشخصية لتوصيل الحجيج وبالتالي الحصول على دخل إضافي. والمؤكد أن هناك الكثير من المنافع الاقتصادية المرتبطة بالحج والتي بدورها ترجمة حقيقية لمقطع الآية الكريمة («ليشهدوا منافع لهم...» (الحج: 28).

النظرة للأمام

فيما يخص السلبيات هناك ظاهرة قيام بعض أصحاب المتاجر ببيع سلع انتهت صلاحيتها وهذا ربما يفسر ظهور حالات تسمم بين بعض الحجاج. أيضا هناك سلبية أخرى تتمثل بقيام بعض التجار ببيع سلع مقلدة على مرأى من المفتشين. على سبيل المثال، هناك منتجات مقلدة لشاي من ماركة «ليبتون» من حيث تشابه الألوان وحتى اسم العلامة التجارية. المطلوب من السلطات الحيلولة دون قيام البعض بإساءة الاستفادة من موسم الحج.

وفي أحاديث جانبية مع عينة من المقاولين البحرينيين لاحظت وجود تخوف من فرضية تنفيذ السلطات السعودية الشروط المطبقة على حجاج الداخل أي تحديد أداء الفريضة لمرة كل خمس سنوات. وعلمت بأن الحجاج الجدد من البحرين يشكلون ربع الحجاج الذاهبين، الأمر الذي يضع سلامة الأوضاع المالية لنسبة غير قليلة من المقاولين على المحك.

كما علمت بأن عدد حجاج البحرين هذا العام فاق 12 ألف حاج على رغم أن العدد المسوح له لبلدنا هو 8 آلاف.

ختاما، لابد من توجيه كلمة شكر لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على إدارة موسم حج العام 1429 هجرية بدليل عدم حدوث حالات تدافع لضيوف الرحمن أو وفيات بشكل غير طبيعي في صفوف الحجاج

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2293 - الإثنين 15 ديسمبر 2008م الموافق 16 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً